علقت وكالة سبوتنيك على إعلان حماد نقل بعض الإدارات الحكومية والمؤسسات الرسمية إلى مدينة بنغازي شمال شرقي البلاد، واصفة خطوة حكومة البرلمان بالمثيرة للجدل.

الوكالة الروسية قالت إن هذه الخطوة تثير العديد من التساؤلات حول دلالاتها السياسية وتأثيراتها على وحدة البلاد، معتبرة هذا التحرك من قبل حماد خطوة نحو تعزيز مركزية بنغازي في الساحة السياسية والإدارية في ليبيا، ما يثير المخاوف من تفاقم الانقسامات الداخلية.

ورأت الوكالة أن هذا القرار يطرح أسئلة حول العلاقات بين الشرق والغرب الليبي، وأثره على التوافق السياسي والاجتماعي.

ونقلت “سبوتنيك” تأكيد المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، أن قرار نقل إدارة الشركة العامة للكهرباء من طرابلس إلى بنغازي، يرتكز على عدة عوامل، أهمها إعادة هيكلة النظام الأساسي للشركة والعودة إلى نظام الفروع الذي تم إيقافه منذ التسعينيات، مشيرا إلى أن هذه الخطوة لا تعني انقسامًا في المؤسسات السيادية، بل مجرد نقل إداري مع فتح فروع تغطي جميع مناطق ليبيا.

العبدلي قال إن الهدف من القرار ليس التقسيم، بل توسيع نطاق الخدمات، خاصة بعد حالة الاستياء المتزايدة من احتكار المؤسسات السيادية والخدمية في طرابلس، والتي تعاني الفساد المالي والإداري.

وأضاف أن الكثير من مسؤولي المؤسسات في العاصمة لا يخرجون إلى المناطق والمدن الأخرى، وكأن ليبيا تقتصر فقط على طرابلس، مشيرا إلى أن نقل إدارة بعض المؤسسات قد يكون ضروريًا لتحسين الخدمات، خاصة في ظل سوء أوضاع الكهرباء في العديد من المناطق.

وأكد المحلل السياسي الليبي نصر الله السعيطي، أن قرار حكومة حماد بنقل إدارة بعض المؤسسات جاء نتيجة عدة عوامل رئيسية، من بينها إعادة المؤسسات إلى مواقعها الأصلية، حيث تم تأسيس العديد منها في مدينة بنغازي قبل أن يتم نقلها إلى طرابلس بطريقة مخالفة لقرارات إنشائها، مثل مجلس النواب الذي عاد مؤخرًا إلى مقره الرسمي، والمؤسسة الوطنية للنفط وغيرها من المؤسسات السيادية.

وقال السعيطي في تصريح نقلته “سبوتنيك” إن هذه الخطوة قرار طبيعي يخدم المصلحة العامة، موضحًا أن العديد من المؤسسات في طرابلس باتت تخضع لسيطرة شخصيات بعينها ومرهونة للتشكيلات المسلحة، مما أدى إلى قرارات مجحفة أثرت على الأداء المؤسسي.

وأضاف السعيطي أن هذه القرارات تأتي في إطار دعم دولي يهدف إلى إنهاء الهيمنة المركزية، وكسر احتكار مؤسسات الدولة لصالح مجموعات محددة.

وحول المخاوف من أن يكون هذا القرار مؤشرًا على انقسام ليبيا، أوضح السعيطي أن هذه المسألة تعتمد إلى حد كبير على الرؤية الدولية، مشيرًا إلى أن بعض القوى الخارجية تتعامل مع ليبيا وفق مصالحها المتناقضة، وهناك مؤشرات تدل على أن بعض الدول المتدخلة قد تسعى لتقسيم ليبيا كما فعلت مع دول أخرى.

وأضاف أن تقارير استخباراتية حديثة تحدثت عن احتمال تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، وهو سيناريو لا يقبله الليبيون ولن يسمحوا بحدوثه، مشيرا إلى أن هناك توجهًا دوليًا للتعامل مع الحكومة الليبية المنتخبة كسلطة شرعية، وهو ما يمنحها الحق في إدارة مؤسساتها وفق مناطق نفوذها وتأمينها لتنفيذ سياساتها.

كما اعتبر أن عدم اعتراض حكومة الدبيبة على هذه القرارات يعكس موقفًا إيجابيًا، إذ كانت هناك مخاوف من تقسيم ليبيا إلى ولايتين أو ثلاث، وهو ما يرفضه جميع الليبيين باعتبار ليبيا وحدة اجتماعية واحدة تجمعها روابط ثقافية وتاريخية قوية.

وأكد أن ليبيا لا تزال تنجب الوطنيين القادرين على حماية وحدة البلاد، معتبرًا الأزمة الحالية عابرة، لكنها مرتبطة بسياسات خارجية ومتغيرات دولية أثّرت بشكل كبير على المشهد الليبي.

Shares: