قالت صحيفة البيان الإماراتية إن الأزمة المالية عادت لتلقي بظلالها على المشهد الليبي ولتشغل الرأي العام، في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي التي لا تزال تمر بها البلاد دون بوادر إيجابية تعد بحل قريب.
وأضاف التقرير أن استخدامات النقد الأجنبي خلال شهري يناير وفبراير بلغت 6.1 مليارات دولار، بينما لم تتجاوز الإيرادات 3.6 مليارات دولار، مما نتج عنه عجز قدره 2.5 مليار دولار بنسبة 41%.
ورجحت مصادر برلمانية أن يدعو مجلس النواب محافظ مصرف ليبيا المركزي إلى جلسة مساءلة حول أسباب ودوافع الأزمة، لاسيما في ظل موجة إهدار لرصيد البلاد من العملات الأجنبية.
بدوره، حذر رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدولة الاستشاري، سعيد ونيس، من أن الزيادة غير المسبوقة في الطلب على النقد الأجنبي خلال الأشهر الأخيرة تشير إلى خلل واضح في المنظومة المصرفية.
ونيس أكد أن التوسع في الصرف عبر بوليصة الشحن البري وفساد شركات التفتيش التي تصدر شهادات غير مطابقة يعدان من أبرز مظاهر هذا الخلل.
ولفت ونيس إلى الانقسام الفعلي في الجمارك وغياب البيانات المجمعة عن جميع المنافذ الجمركية، ما يعقد من اتخاذ التدابير الفعالة لمواجهة الأزمة، منبهاً إلى أن غياب التنسيق بين السلطات المختصة في السياسة النقدية والمالية والاقتصادية قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي وشيك.
الصحيفة في تقريرها أكدت أن البلاد تشهد سجالاً حاداً بعد أن كشف مصرف ليبيا المركزي في بيانه الخاص بالإيرادات والإنفاق عن يناير وفبراير الماضيين، تسجيل انخفاض نسبي في الإيرادات النفطية التي وصلته والتي بلغت 1.6 مليار دولار في فبراير، مقارنة بـ1.9 مليار دولار في يناير، ما يشير إلى تراجع طفيف في العائدات النفطية.
وأكد المصرف أن فاتورة المحروقات لا تزال تخصم مباشرة من مبيعات النفط من قبل المؤسسة الوطنية للنفط منذ نوفمبر 2021، حيث استخدمت المؤسسة 63.5 مليون دولار من إيرادات النقد الأجنبي خلال يناير وفبراير.
ويرى مراقبون أن الأزمة المالية تعود إلى أسباب عدة من بينها الإنفاق المتضخم من قبل الحكومتين المتنافستين على السلطة، وغياب التنسيق بينهما، واتساع ظاهرة الفساد، والإهدار المتعمد للمال العام واستمرار ظاهرة المضاربة في السوق الموازية.
وشدد عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، على أن البلاد بحاجة إلى تقليص الإنفاق الحكومي بشكل رئيسي، مع ضرورة إدارة السياسة النقدية بشكل صحيح من قبل مصرف ليبيا المركزي، مؤكداً أهمية وضع خطط لزيادة الإيرادات النفطية والمحلية.
نصية أكد ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في المؤسسات الاقتصادية الرئيسية مثل مصرف ليبيا، والمؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمارات الخارجية، لافتاً إلى أن مبيعات النقد الأجنبي بلغت 6 مليارات دينار خلال الشهرين الماضيين، ما يعني حاجة البلاد إلى 36 مليار دينار سنوياً، وهو مبلغ يصعب تأمينه في ظل معدل إنتاج النفط الحالي.
أعرب الخبير الاقتصادي، عبد الحميد الفضيل، عن مخاوفه من أن يواجه الدينار الليبي انخفاضاً جديداً لقيمته في ظل التوسع في الإنفاق العام، واستمرار الإنفاق الموازي، وتدني الإيرادات النفطية، معتبراً أن الطلب على النقد الأجنبي لجميع الأغراض بلغ مستويات قياسية خلال يناير وفبراير الماضيين.
ويعتبر محللون أن استمرار طبع العملة المحلية بالخارج دون رقابة جيدة من شأنه أن يزيد من مستوى التضخم المالي ويقلص قيمة الدينار الليبي، علماً أن شحنة جديدة من العملة الليبية المطبوعة بالخارج وصلت مطار معيتيقة الخميس لضخها إلى المصارف بهدف مواجهة أزمة السيولة المالية التي تشهدها البلاد.