نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية تقريرا عن الظروف الصعبة التي يعيشها المهاجرون في معسكرات الاحتجاز في ليبيا، بعد أن تحدث ناجون عن تجاربهم المروعة، داعين أوروبا إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذه الأزمة الإنسانية.

واعتقد اللاجئ من جنوب السودان، لام ماجوك أنه سيشهد محاكمة أحد الأشخاص الذين عذبوه داخل السجون الليبية، لكن أمله سرعان ما تحول إلى خيبة أمل، بعدما أعادت الحكومة الإيطالية هذا الشخص إلى ليبيا بعد يومين فقط من اعتقاله، رغم صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، في إشارة إلى ترحيل أسامة نجيم الضابط الليبي المتهم بجرائم حرب.

وقال لام، حسب الصحيفة الفرنسية، والذي يقيم الآن تحت حماية دولية في روما: “لقد سُجنت، وتعرضت للتعذيب، وشاهدت عمليات إعدام، وأُجبرت على جمع جثث المعتقلين الذين لقوا حتفهم، ولكن بإطلاق سراح هذا المجرم، منحت الحكومة الإيطالية الميليشيات الليبية تصريحًا بقتل اللاجئين” وفق تعبيره.

وهرب لام من جنوب السودان، عام 2017، بعدما قتل والده في الحرب الأهلية عبر مصر وصولاً إلى ليبيا بحثاً عن فرصة للوصول إلى أوروبا، لكنه اختُطف عند الحدود، وأُجبر على العمل كعبد في الصحراء الليبية، وبعد نجاحه في الفرار، وصل إلى طرابلس، وعمل في البناء لجمع المال من أجل عبور البحر إلى إيطاليا.

وحاول 6 مرات عبور البحر الأبيض المتوسط، لكن خفر السواحل الليبي كان يعيده في كل مرة، في محاولته الأخيرة، ورغم امتلاكه بطاقة لاجئ صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تم اعتقاله وسجنه لثلاثة أشهر في طرابلس، قبل نقله إلى سجن معيتيقة، المعروف بسمعته السيئة، حيث أمضى 6 أشهر أخرى في ظروف قاسية.

ويتحدث لام عن أوضاع لا تُحتمل داخل السجون الليبية، حيث يُكدس المعتقلون في غرف ضيقة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ويجبرون على العمل أو مشاهدة زملائهم يتعرضون للتعذيب والإعدام.

وقال: “كنا ننام فوق بعضنا البعض على الأرض أو على مراتب مهترئة، وكان يتم اختيار بعض المعتقلين للعمل، فيما يُجبر آخرون على جمع جثث زملائهم الذين ماتوا جراء التعذيب”.

وبعد محاولات عديدة، تمكن لام من الهرب والعودة إلى طرابلس، حيث التقى بصديقه ديفيد، وهو لاجئ سوداني آخر تعرض لنفس المعاناة، وأسسا معا منظمة “اللاجئون في ليبيا” لتوثيق الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون والمطالبة بحماية دولية لهم.

وفي يناير 2021، نظمت المنظمة احتجاجاً سلمياً أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طرابلس، للمطالبة بإنقاذ اللاجئين، واستمر الاعتصام أكثر من 3 أشهر، لكن السلطات الليبية شنت حملة اعتقالات واسعة بحق المحتجين، وتم الزج بالآلاف في السجون.

وتمكن لام وديفيد من الاختباء، وبعد عامين من العيش في الخفاء، حصل لام على وضع لاجئ بمساعدة جمعيات إيطالية، ليُنقل جواً إلى روما، حيث يواصل جهوده للتوعية بمحنة اللاجئين المحتجزين في ليبيا.

Shares: