كشفت صحيفة الجارديان البريطانية أن الناشط الليبي حسام القماطي ، المقيم في السويد، تعرض للاستهداف ببرنامج تجسس إسرائيلي متطور، بعد نشره تقارير تتعلق بالعلاقات بين الحكومة الإيطالية وخفر السواحل الليبي.
ووفقًا لما ذكره القماطي، فقد تلقى تحذيرًا من تطبيق واتساب الأسبوع الماضي يفيد بأنه كان هدفًا لبرنامج تجسس عسكري، في واقعة أثارت مخاوف متزايدة بشأن استخدام الحكومات الأوروبية لبرامج مراقبة إلكترونية متطورة.
بحسب ما أفاد به تطبيق واتساب – المملوك لشركة ميتا – فقد تم اختراق هاتف القماطي، إلى جانب 89 ناشطًا وصحفيًا وشخصيات من المجتمع المدني، باستخدام برنامج تجسس تابع لشركة باراغون سوليوشنز الإسرائيلية.
وهي شركة كانت مملوكة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، قبل أن تستحوذ عليها شركة استثمار أمريكية مؤخرًا.
ورفضت باراغون التعليق على هذه الادعاءات، لكن مصادر قريبة من الشركة أوضحت أنها تتعامل مع أكثر من 35 حكومة.
يعتقد القماطي بحسب الجارديان أن استهدافه جاء بعد نشره معلومات حول شبكات الهجرة غير الشرعية، وعلاقاتها بمراكز الاحتجاز في ليبيا، إضافةً إلى الروابط المزعومة بين قادة ميليشيات في طرابلس والزاوية ومسؤولين في المخابرات الإيطالية.
ويقول القماطي لـ الجارديان: “بصفتي ناشطًا ضد الفساد في ليبيا، فإن حماية مصادري تشكل أولوية قصوى، فهناك أشخاص يخاطرون بحياتهم لكشف الفساد المستشري في البلاد، وما يحدث الآن قد يكون مسألة حياة أو موت.”
وأضاف: “إن فكرة أن هناك جهة تتجسس عليك طوال اليوم، تقرأ رسائلك، وتصل إلى صور عائلتك، أمر مرعب.”
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للاتفاقية التي وقعتها إيطاليا مع السلطات الليبية لدعم خفر السواحل الليبي، والتي تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط.
ويرى ناشطون أن هذه الاتفاقية أسهمت في الفوضى داخل ليبيا، حيث يتم احتجاز المهاجرين في مراكز وصفتها منظمات حقوقية بأنها “غير إنسانية”.
وكانت صحيفة الجارديان قد تلقت اتصالًا من القماطي بشأن التنبيه الذي وصله من واتساب، بعد ساعات فقط من تلقي الصحفي الإيطالي فرانشيسكو كانسيلاتو تحذيرًا مماثلًا.
وكان كانسيلاتو – رئيس تحرير موقع Fanpage الاستقصائي – قد كشف في تقارير سابقة عن وجود شبكات داخل الحزب اليميني المتطرف الذي تقوده رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني.
ولم يتضح بعد من الجهة التي أمرت باستخدام برنامج التجسس، لكن التقارير تشير إلى أن الأهداف المستهدفة وُجدت في أكثر من 20 دولة، بينها دول أوروبية. ولم يصدر أي تعليق رسمي من مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية بشأن هذه المزاعم.
في سياق متصل، قال القماطي إنه كان من بين الذين كشفوا تفاصيل قضية أسامة نجيم، رئيس الشرطة القضائية في ليبيا، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب، الاغتصاب، والتعذيب.
وكان نجم قد اعتُقل في إيطاليا مؤخرًا، لكنه أُطلق سراحه بشكل مفاجئ بعد “مشكلة إجرائية”، ليتم نقله على متن طائرة رسمية إلى طرابلس.
وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بتوضيح لما حدث، مشيرةً إلى أن نقله إلى ليبيا تم من قبل حكومة ميلوني “دون إشعار مسبق أو التشاور مع المحكمة”.
الجارديان أكدت أن قضية القماطي تعيد إلى الواجهة الجدل العالمي حول استخدام الحكومات لبرامج التجسس لاستهداف الصحفيين والناشطين.
وكان برنامج جرافيت الذي طورته باراغون قد وُصف بأنه يمنح المتجسس سيطرة كاملة على الهاتف المخترق، بما في ذلك قراءة الرسائل المشفرة على تطبيقات مثل واتساب وسيغنال.
ويخشى المدافعون عن حقوق الإنسان من أن هذه التكنولوجيا قد تُستخدم لتقويض حرية الصحافة وقمع الأصوات المعارضة، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن سياسات الهجرة الأوروبية المثيرة للجدل.