أشارت صحيفة “عربي 21” إلى تصريحات خالد المبروك وزير مالية الدبيبة في اجتماع وقع مؤخرا، إن المرتبات السنوية في ليبيا قد تصل إلى 100 مليار دينار (ما يزيد عن 20 مليار دولار) مع نهاية 2025، في تصريح أثار جدلا كبيرا.
وقالت الصحيفة إن معنى ذلك وفق تقديرات الوزير فإن المرتبات سترتفع بنسبة 33% خلال العام المذكور، ومعلوم أن إجمالي باب المرتبات مع نهاية 2024 بلغ نحو 67 مليار دينار فقط.
الصحيفة أضافت أن الوزير لم يعلل دوافع تصريحه ولم يفصح عن أسباب الزيادة الكبيرة جدا في المرتبات حسب تقديره، فقط ألقى بالرقم في الاجتماع الرسمي وأمام كاميرات التلفزيون ليصبح حديثه محط الأنظار والتقييم، وبالطبع التعجب والاستنكار، ذلك أنه وبكل المقاييس ومع الأخذ بجميع المعطيات الراهنة والفرضيات المحتملة فإن بلوغ 100 مليار دينار لبند المرتبات خلال عام واحد أمر غير ممكن.
“عربي 21” أوضحت أنه وبحسبة بسيطة، ومع الأخذ بمتوسط مرتبات العاملين في الجهاز الحكومي والبالغ عددهم نحو 2.3 مليون، وهو رقم كبير جدا ولا يعبر عن الاحتياج الحقيقي للاقتصاد الليبي، وإنما هو نتيجة لتوجهات وسياسة خاطئة، ومتوسط المرتبات هو نحو 1900 دينار ليبي، فإن الزيادة في المرتبات تعني في أحد الاحتمالات توظيف أكثر من 1.7 مليون موظف وعامل خلال العام 2025، وهذا لا يمكن تحققه حتى لو أرادات الحكومة ذلك.
الصحيفة أكدت أن الأهم من ذلك هو أن بند المرتبات الذي يشكل أكثر من 55% من الإنفاق العام لا يعكس الواقع، بل إن الرقم الحالي مبالغ فيه، وأن الزيادة تعود في جزء منها إلى الهدايا والمزايا التي يتمتع بها شريحة واسعة من موظفي الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى تقديرات بعض المختصين بأن القيمة الحقيقية للباب الأول من الميزانية (المرتبات وما في حكمها) لا تتعدى 55 مليار دينار، وبالتالي فإن القول بأن المرتبات ستصل إلى 100 مليار أمر مستحيل.
وتساءلت الصحيفة: لماذا أقدم وزير المالية على هذا التصريح الذي لا مسوغ علمي ولا منطقي له، مع التنبيه إلى تداعيات هكذا تصريح في هذا التوقيت وفي ظل الظروف التي يواجهها الاقتصاد الليبي والمالية العامة الليبية؟!.
ويرى العديد من المختصين، حسب الصحيفة، إلى أن التصريح مجرد ردة فعل عفوية، غير مدروسة ولا منضبطة، على ارتفاع بند المرتبات في الميزانية العامة وما يشكله هذا البند من عبء كبير على الحكومة، وبالتحديد وزارة المالية، بمعنى أن التصريح هو من باب التهويل والتخويف من عواقب استمرار الاعتماد على الخزانة العامة كمصدر رئيسي وربما وحيد لمعظم القادرين على العمل في البلاد، وهذا تفسير راجح وتدعمه شواهد عديدة سبق الإشارة إلى بعضها.
المختصون قالوا إن الاحتمال الآخر هو اتجاه الحكومة لتبني سياسات تقشفية عامة من بينها إيقاف التوظيف في مؤسسات الدولة، والتصريح هو بمثابة تهيئة الرأي العامة لهذه السياسة، حيث إن جهاز الرقابة الإدارية أصدر قرارا يطالب المؤسسات التنفيذية بوقف التعيين، وسيكون هذا مفهوما ومقبولا إذا رافقه إجراءات صارمة حيال “ما في حكم” المرتبات من مكافآت ومزايا كثيرة تشكل رقما مهما في هذا البند.