ذكرت صحيفة العربي الجديد أن صدام حفتر، نجل قائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، أصدر الثلاثاء الماضي، تعليماته لكتيبة سبل السلام بتسلّم قاعدة السارة العسكرية، الواقعة أقصى جنوبي البلاد على الحدود التشادية والسودانية مع ليبيا، وذلك لتأمينها وتأمين كامل القطاع الحدودي مع تشاد.
وقالت الصحيفة إن خبراء ربطوا هذه الخطوة برغبة روسيا في زيادة وجودها العسكري في ليبيا بعد خسارة قواعدها في سورية، بما في ذلك الانتشار في القاعدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن منصات إعلامية مقربة من حفتر، نقلت عقب صدور تلك التعليمات، مشاهد دخول آليات عسكرية لكتيبة سبل السلام، التي تتمركز في منطقة الكفرة الحدودية مع السودان.
وذكر مصدر عسكري لـ”الصحيفة”، أن الكتيبة تسلمت مهمات تأمين القاعدة من فصيل مسلح تابع للواء 128 معزز، التابع لحفتر والذي حله أخيراً، وأقال قائده العقيد حسن الزادمة.
وربطت مصادر ليبية متعددة في أحاديث مع “العربي الجديد” بين حل حفتر للواء 128 معزز، وإقالة قائده، وبين تأمين الأخير وصول ضباط روس، منتصف ديسمبر الماضي، إلى مقار عسكرية استراتيجية في الجنوب، من بينها معسكر لويغ وقاعدة السارة، بدون تنسيق مع قيادة حفتر.
وزاد ذلك من قلق حفتر المتنامي حيال سعي الزادمة لتعزيز نفوذه في الجنوب، خصوصاً أنه متمركز أساساً في قاعدة الجفرة الجوية، في قلب الصحراء الليبية، والتي تعد أهم القواعد حيث الوجود الروسي في ليبيا، إضافة للعلاقات القبلية المتميزة في أوساط الجنوب.
وأوضحت معلومات أدلى بها المصدر العسكري نفسه لـ”العربي الجديد”، أن كتيبة سبل السلام بدأت بالفعل مهمات تأمين محيط القاعدة والطرقات الصحراوية الموصلة إليها لتسهيل وصول إمدادات مواد على علاقة بإعادة تأهيلها.
وفي وقت لفت المصدر إلى وصول مقاتلين وعتاد عسكري إليها أخيراً، إلا أنه أشار إلى أن العمل في القاعدة لا يزال جزئياً، فطبيعة المواد التي وصلت عبر مطار الكفرة، أقرب المناطق إلى قاعدة السارة، على علاقة بتأهيل مهابط القاعدة، مثل أجهزة الملاحة الخاصة بتحديد الانحرافات الجوية وتقاطع الرياح.
وأوضح أن هذه الإمدادات تؤشر إلى أن إعادة تأهيل القاعدة سيستغرق وقتاً طويلاً لحاجتها إلى فنيين ومتخصصين وخرسانات التأسيس، وهذا يعني أن عمليات التأهيل لا تزال في طور إعداد المهابط والمنشآت الأخرى كالمخازن وغيرها.
وكانت وكالة نوفا الإيطالية قد ذكرت في تقرير، يوم 14 يناير الحالي، أن روسيا أرسلت مجموعة من الجنود السوريين الفارين من “هيئة تحرير الشام” لإعادة تشغيل القاعدة، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في أفريقيا، بما يمكن الإمداد منها مباشرة.
وترى الصحيفة أن قاعدة السارة تعد أكبر قاعدة محاذية للحدود الجنوبية الليبية وتحديداً في جانبها الجنوبي الشرقي، أما قاعدة لويغ، فهي ثاني أكبر قاعدة في المنطقة ومحاذية للحدود في جانبها الجنوبي الغربي واتخذتها القوات الليبية قاعدة انطلاق متقدمة نحو الأراضي التشادية ثمانينيات القرن الماضي، إبان نزاعها مع تشاد على القطاع الحدودي.
وقالت “العربي الجديد” إنه في حال تسليمها إلى روسيا، ستكون القاعدة خامس قاعدة عسكرية تخضع للسيطرة الروسية، بعد قواعد: الخروبة في الشرق، والقرضابية في سرت وسط شمال البلاد، والجفرة وبراك الشاطئ في وسط الجنوب.
وعن أسباب الاهتمام الروسي المفاجئ بهذه القاعدة، رغم أنها بقيت خارج الخدمة منذ وقت طويل، رأى الخبير العسكري عادل عبد الكافي، أنه اهتمام مرتبط بالمتغيرات الإقليمية أخيراً، خصوصاً المتغيرات في سورية التي فرضت على روسيا ضرورة إعادة تقييم وضعها والبحث عن مواقع جديدة تعوّض خسارتها في سورية.
ولفت عبد الكافي، وهو مستشار عسكري سابق لحفتر، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن قاعدة السارة مهمة لإشرافها على مثلث الحدود الليبية التشادية السودانية، وقدرة وصول أي إمداد عسكري إلى نطاق هذا العمق الثلاثي بسهولة”، رابطاً بين أهمية هذا الموقع وبين “المشروع الروسي الرامي إلى الحفاظ على مواقعه في عدة دول أفريقية مرتبطة بالمجال الليبي وتأمين استمراره في الوصول إليها.
وبرأي عبد الكافي، أن القاعدة مهمة لروسيا لأسباب عديدة منها إضافة موقع عسكري جديد لزيادة قدرتها على استيعاب المزيد من الوجود العسكري، وأيضاً لتؤمن سهولة انتقالها في العمق الأفريقي والاقتراب أكثر من الأنظمة العسكرية التي دعمت انقلاباتها في بلدانها”.
وبالنظر لموقع قاعدة السارة، رجّح عبد الكافي أن تستخدمها موسكو لدعم تغيير في تشاد التي تشهد اضطرابات منذ فترة، موضحاً أن القاعدة كان لها دور عسكري كبير في الجانب الليبي إبان الحرب مع تشاد لموقعها المهيمن على الفضاء التشادي، وهي أهمية لا تزال تحتفظ بها القاعدة حتى الآن، خصوصاً ان النظام التشادي ألغى اتفاقياته الدفاعية مع فرنسا ما يجعل رصيد موقع هذه القاعدة أكبر.
ولفت إلى قرب موقع السارة من الحدود السودانية الذي يمكّن روسيا وحفتر من الاستمرار في تقديم الدعم لقوات الدعم السريع في الحرب السودانية، يمكن أن تشكل القاعدة أيضاً فضاء لاستيعاب قوات الدعم السريع في حال خسارتها الحرب مع الجيش السوداني.