في خضم الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا، يواجه المجلس الأعلى للدولة الاستشاري انقساماً حاداً بين رئيسين متنازعين، مما يهدد استقرار أحد أهم مؤسسات الدولة الليبية.
وتتمحور الأزمة حول شرعية رئاسة المجلس بين خالد المشري ومحمد تكالة، في صراع قانوني وسياسي معقد.
بدأت الأزمة في السادس من أغسطس 2024 خلال انتخابات رئاسة المجلس، حيث أعلن فوز خالد المشري بفارق صوت واحد، حاصلاً على 69 صوتاً مقابل 68 صوتاً لمنافسه محمد تكالة.
أثار إلغاء ورقة اقتراع واحدة لصالح تكالة جدلاً واسعاً، مما دفع الأخير للطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء.
وفي تطور لافت، أصدرت محكمة استئناف جنوب طرابلس حكماً ببطلان جلسة الانتخاب، مستندة في قرارها إلى عدة مخالفات جوهرية.
تمثلت أبرز هذه المخالفات في مشاركة عضوين غير مؤهلين في عملية التصويت، هما عبدالسلام غويلة الذي يشغل حالياً منصب وزير الرياضة في الحكومة الليبية، وفوزي العقاب الذي قدم استقالته ولم يسحبها رسمياً.
كما اعتبرت المحكمة إعلان المشري نفسه رئيساً قبل الفصل في الورقة الجدلية مخالفة إجرائية واضحة للنظام الداخلي، وألزمته بدفع المصاريف القانونية.
تباينت ردود الفعل بشكل حاد بين الطرفين المتنازعين. فقد نشر المشري بياناً عبر صفحته على موقع فيسبوك نفى فيه وجود أي حكم قضائي جديد، معتبراً أن المحكمة الإدارية غير مختصة بالنظر في هذه القضية.
وأكد تقديمه طعناً لدى المحكمة العليا، مشيراً إلى استمرار المكتب الرئاسي المنتخب في 28 أغسطس في أداء مهامه.
واستند المشري في موقفه على حكمين قضائيين سابقين من محاكم إدارية قضت بعدم اختصاصها في النظر في موضوع الشكوى، مؤكداً أن الاختصاص يعود للجنة القانونية للمجلس.
في المقابل، رحب محمد تكالة بحكم المحكمة، ودعا إلى عقد جلسة للمجلس لاستئناف عمله السياسي، محذراً من أي محاولات لعرقلة تنفيذ القرار القضائي. وقد أدى هذا الانقسام الحاد إلى تعطيل كبير في عمل المجلس، حيث انقسم الأعضاء بين الطرفين، وبات كل منهما يعقد جلسات موازية يدعي أنها قانونية ومكتملة النصاب.
ويبقى مستقبل المجلس الأعلى للدولة معلقاً بانتظار قرار المحكمة العليا، الذي يُتوقع أن يكون حاسماً في إنهاء الأزمة أو تعقيدها.
وفي ظل استمرار هذا الانقسام، دعا المجلس الوطني للأحزاب السياسية الليبية إلى مبادرة تهدف إلى تغليب المصلحة الوطنية وإنهاء الانقسام داخل المجلس، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالقوانين واللوائح الداخلية.