كشف تحليل جديد للباحث السياسي محمد الجارح، نشر في موقع “المونيتور”، عن تحول استراتيجي في السياسة الروسية بالمنطقة، حيث تتجه موسكو نحو تعزيز وجودها في ليبيا للحفاظ على نفوذها الإقليمي بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا.

التحليل أوضح أن روسيا كثفت عملياتها اللوجستية في ليبيا خلال عام 2024، مع زيادة ملحوظة في شحنات الأسلحة ورحلاتها الجوية من قاعدة حميميم السورية إلى قاعدتي الخادم والجفرة في ليبيا، في خطوة تعكس محاولات إعادة التموضع العسكري الاستراتيجي.

التحليل أوضح أن موسكو تواجه تحديات جوهرية في ترسيخ وجودها الرسمي في ليبيا، على عكس تجربتها في سوريا، ويرجع ذلك أساساً إلى تعقيد المشهد السياسي الليبي وغياب حكومة موحدة.

كما يشوب العلاقة بين روسيا وخليفة حفتر حالة من عدم اليقين والشكوك المتبادلة، حيث تسعى موسكو لتنويع علاقاتها مع شخصيات ليبية أخرى.

ويضيف التقرير أن مستقبل النفوذ الروسي في ليبيا يواجه تحديات إضافية تتمثل في عمر حفتر البالغ 81 عاماً، حيث يثير رحيله المحتمل تساؤلات حول القيادة المستقبلية، خاصة مع انقسام الفصائل داخل الجيش بين الموالين لروسيا والموالين للغرب.

ويشير التحليل إلى أن استمرار الانقسام السياسي بين حكومة الدبيبة في طرابلس والسلطات في الشرق يعقد الجهود الرامية إلى ترسيخ النفوذ الخارجي.

كما يمثل الوجود العسكري التركي الرسمي ودعمه لحكومة الدبيبة تحدياً إضافياً لطموحات روسيا في المنطقة.

وخلص التقرير إلى أن افتقار روسيا لاتفاق رسمي مع حفتر، إلى جانب تشرذم المشهد السياسي الليبي، يحد من قدرتها على تكرار استراتيجيتها السورية.

ومع ذلك، فإن تحركات موسكو في ليبيا تعكس هدفها الأوسع المتمثل في تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، مما قد يؤثر بشكل كبير على موازين القوى الإقليمية والعالمية.

وحذر التقرير من أن الدول الغربية قد تخاطر بفقدان نفوذها لصالح روسيا وتركيا إذا استمرت في إهمال التنمية السياسية والاقتصادية في ليبيا، مؤكداً على ضرورة المشاركة الاستباقية في المشهد الليبي.

وفي سياق متصل، أكد المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات روسية لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما بات يتجلى بشكل أكبر في ليبيا.

وأوضح المركز في تقرير له، أن التطورات الأخيرة في سوريا، تظهر تساؤلات حول إمكانية نقل روسيا لقواعدها العسكرية إلى الأراضي الليبية، ما يفتح الباب أمام تحديات جديدة للأمن القومي الليبي.

وأكد المركز، أنه بدأ ذلك رسمياً مع وصول قوات فاغنر عام 2019 لدعم قوات خليفة حفتر، ورغم إخفاقها في السيطرة على طرابلس، تظل روسيا حاضرة في شرق ليبيا بشكل استراتيجي، مستغلة الانقسامات الليبية والنقص في الشرعية والمعدات.

وأشار المركز إلى أنه بعد تطورات الحرب الأوكرانية وانشغال روسيا في معاركها هناك، قد تجد موسكو في ليبيا منصة بديلة لنقل عتادها وقواعدها العسكرية، خاصة مع هشاشة الوضع المحلي في البلاد.

المركز الليبي أكد أن  هذا التحرك قد يحوّل ليبيا إلى ساحة جديدة للصراع الدولي، ما يُعرّض سيادة الدولة الليبية لخطر، ويزيد من احتمالات التوترات بين القوى العالمية المتنافسة.

Shares: