ذكرت جريدة النهار العربي أن ليبيا تشهد بروز دور قوى محلية على رأسها القبائل، والتي شكّلت على مرّ عقود قوة مجتمعية ضاربة، لطالما ربط صنّاع القرار بين بقائهم في مناصبهم وبين احتوائها ونسج تحالفات مع شيوخها، وذلك وسط تفاقم الأزمة الليبية.

الجريدة اللبنانية لفتت إلى أن البعثة الأممية في ليبيا اهتمامها خلال الأسابيع الأخيرة بالقبائل ضمن مساعيها لتوسيع دوائر الحوار، وهدفها تحقيق مصالحة مجتمعيّة تمهّد لحلحلة الأزمة السياسية.

وقالت الجريدة إن القبائل في ليبيا مكون أساسي يقوم عليه المجتمع، وعلى مرّ التاريخ لعبت دورا مؤثرا في تركيبة الدولة وتشكيلة حكمها، بعدما كانت في قلب معركة الاستقلال خلال حقبتي الاحتلال العثماني ومن بعده الإيطالي، وفق الباحث الليبي في شؤون القبائل الليبية والأفريقية خميس مفتاح.

ووفقا لخريطة توزّع كبرى القبائل على الرقعة الليبية، فإن قبيلة ورفلة هي الأكبر في المنطقة الغربية، إذ يتجاوز عدد أفرادها المليون نسمة، بعدها تأتي قبيلة ترهونة، التي تتشكّل من نحو ستين قبيلة فرعيّة، فيما تُشكّل القبائل المتمركزة في أقصى الغرب، وبالقرب من الحدود مع تونس، الأقليّات الأمازيغية في ليبيا، في حين تتمركز في الجنوب الغربي بشكل رئيسيّ قبائل الطوارق والتبو.

وأضافت الجريدة أن قبيلة برقة تأتي على رأس قبائل الشرق الليبي، إضافة إلى قبائل الجبارنة والحرابي والمرابطين، وفي الوسط، هناك قبائل القذاذفة والمقارحة، وفي الجنوب الشرقي فزّان والحساونة.

وأكد رئيس حزب السيادة الوطنية إبراهيم بن عمران أن التركيبة الاجتماعية في ليبيا متينة، ويرجع الفضل إلى حكماء القبائل وشيوخها في لملمة أيّ خلافات، ولا توجد خصومات بين الليبيين بقبائلهم المختلفة غرباً وشرقاً وجنوباً، كما لا توجد خلافات بين القبائل وقوميات الأمازيغ والتبو والطوارق بل إن السلام يجمعها.

ويرى بن عمران أن التدخّل الأجنبي بعد أحداث فبراير 2011 حاول زرع الفتنة بين مكوّنات الشعب الليبي، إضافة إلى تدخّل التيار الإسلامي الراديكالي على خطّ المشهد، ومحاولته تأجيج الصراعات والحروب بين مدن شرق ليبيا وغربها.

أما بخصوص التعويل على دور القبائل في تخفيف حدّة التوتر في المشهد الليبي والذهاب إلى توافق سياسي، فقلّل الباحث خميس من جدوى الاجتماعات الأخيرة بشيوخ القبائل وعقالها، واصفاً إياها بمجرد حبر على ورق.

وأكّد خميس تراجع دور القبائل خلال السنوات الأخيرة في ظلّ تحكّم الجماعات المسلّحة بالمشهد، كذلك اشتكى من غياب الدعم العربي والدولي للقبائل، وتجاهل دورها في الأمن والاستقرار.

أما إحميد فيشدّد على اتفاق عام لدى الشعب الليبي على ضرورة المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات يشارك فيها الجميع، لافتاً إلى قناعة وصل إليها الليبيون بضرورة بناء دولة يقتصر فيها دور القبائل على الدور الاجتماعي.

وأشار رئيس حزب السيادة الوطنية إلى أن دور القبائل يقتصر على البعد الاجتماعي، ولا علاقة لها بالجوانب السياسية، ونتمنّى حلحلة الانسداد السياسيّ والوصول إلى إجراء انتخابات بعيداً عن القبليّة والمحاصصة.

وأرجع بن عمران حضور شيوخ القبائل الاجتماعات الأخيرة للحوار إلى اقتراح قدّمته الأحزاب الليبية إلى البعثة الأممية لتوسيع دائرة الحوار السياسي حتى يشمل كلّ الأطراف الليبية، سواء أكانت نقابات مهنية أم مؤسّسات مجتمع مدنيّ ونخباً؛ وحتى يتحول المتحكمون في السلطة إلى أقلية على أيّ طاولة تعقد مستقبلاً للحوار السياسي.

Shares: