كشف تقرير تحليلي نشره موقع “مودرن ديبلوماسي” الأوروبي عن العلاقة الوثيقة بين تنامي أزمة الهجرة غير الشرعية والأوضاع المضطربة في القارة الإفريقية، خاصة في دول جنوب الصحراء الكبرى.
وأوضح التقرير أن أغلب المهاجرين غير الشرعيين يفرون من مناطق النزاعات في جنوب السودان والنيجر وتشاد والصومال والسودان وإثيوبيا وإريتريا وإفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية.
كما تستقبل ليبيا مهاجرين من دول الشرق الأوسط المضطربة مثل اليمن والعراق وسوريا وفلسطين، متخذين من أراضيها معبراً نحو أوروبا.
وأكد التقرير أن الموقع الجغرافي لليبيا وقربها من دول مثل مصر والنيجر وتشاد، جعل منها نقطة جذب رئيسية للهجرة غير الشرعية.
ودعا إلى ضرورة معالجة الوضع المتأزم في ليبيا واستعادة استقرارها كخطوة أساسية لمواجهة أزمة الهجرة التي تتفاقم بسبب هشاشة البلاد وانقساماتها الداخلية.
وطالب التقرير الاتحاد الإفريقي وحكومات القارة بالتدخل الفعال لإيجاد حل دائم للصراع الليبي، بدلاً من الاكتفاء بدور المتفرج، مشيراً إلى أن استقرار ليبيا يصب في مصلحة القارة بأكملها.
وكشف التقرير عن تصدر ليبيا مؤشرات الجريمة المنظمة عالمياً، حيث سجلت 8.5 من 10 نقاط في الاتجار بالبشر، متجاوزة دولاً مثل أفغانستان وإريتريا واليمن.
وأكد التقرير أن ذلك يعكس هذا الوضع ضعف المؤسسات الليبية في مواجهة الجريمة المنظمة ومعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية.
وفي سياق متصل، وأكدت دراسة للدكتورة ندا جمال حرحور الباحثة في العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهر، عن “ليبيا والهجرة غير الشرعية وأثرها على الأمن القومي”، أن الهجرة الغير شرعية أدت لانتشار معدل الجريمة والسرقة والخطف والاتجار بالبشر والإرهاب وجميعها قضايا تتعلق بالأمن القومي الليبي بمستوياته المختلفة.
وتضيف أن ليبيا بعد عام 2011 تعتبر دولة مصدر للهجرة في ظل انتشار حالة الفوضى وكذلك الميليشيات والجماعات الإرهابية بالأراضي الليبية.
وأدى ذلك لبروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية بين الشباب الليبي كنتيجة طبيعية للصراع الدائر في ليبيا، كما تعد دولة عبور لبعض المهاجرين الأفارقة الطامحين للوصول إلى الاتحاد الأوروبي وفي الوقت ذاته هي دولة مقصد لبعض المهاجرين الأفارقة.
ورأت أن ليبيا والنيجر من أهم بوابات عبور المهاجرين غير النظاميين تجاه سواحل إيطاليا وإسبانيا ومالطة.
كما أكدت في دراستها، أن تطور الأوضاع في دول المنطقة العربية منذ 2011، أدى إلى ارتفاع معدل الهجرة من تلك الدول إلى دول أوروبا الغربية، حيث تسببت الصراعات المسلحة بعدد من الدول العربية في بروز الهجرة القسرية خوفا من القتل أو الأعمال الإرهابية والعنف المنتشر في تلك البلاد، ناهيك عن أن هذه الأزمات أو الصراعات المسلحة كانت أحد أهم أسباب توقف التنمية بتلك الدول.
ووصفت الحدود الليبية بعد 2011 بالرخوة، نتيجة الأزمات الداخلية وعدم سيطرة الدولة الليبية على كامل حدودها، والانهيار الشبه الكلي لمؤسسات الدولة.
وأكدت أن ليبيا وقعت تحت سيطرة الميليشيات المسلحة، وهو ما نتج عنه غياب دور المؤسسات الأمنية والعسكرية مما جعل السنوات التي أعقبت 2011 تتسم بعدم الاستقرار والانفلات الأمني وتحولت معها ليبيا إلى وجهة مفضلة للهجرة غير الشرعية تجاه أوروبا نظرا لقربها من السواحل الأوروبية.
وتمكنت ليبيا قبل 2011 من خفض عدد المهاجرين غير الشرعيين، حيث وصل عددهم في عام 2010 إلى 234 مهاجرا.
واستغلت التنظيمات الإرهابية كتنظيم داعش حالة عدم الاستقرار الأمني في ليبيا وقامت بتسهيل دخول المهاجرين غير الشرعيين واستخدامهم في أعمالها التخريبية في ليبيا.
وعلى الصعيد الإنساني يواجه الكثير من المهاجرين غير الشرعيين أثناء عبورهم البحر إلى أوروبا الموت حيث يلاقون حتفهم أو يُحجزون في حالة نجاتهم في ملاجئ إيطاليا واليونان وربما تركيا.
وشددت على أن المعالجة الجذرية لأزمة الهجرة في ليبيا تتطلب استراتيجية أوروبية موحدة، تتوجه بالأساس نحو دعم حكومة مركزية في ليبيا حتى تكون قادرة على ضبط الأمن والاستقرار، ودعم عملية بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وأشارت إلى ضرورة مساعدة السلطات الليبية في جمع سلاح الميليشيات المنتشرة في المدن والبلدات، وإصلاح قطاع القضاء والعدل وإصدار تشريعات وقوانين في مجال الهجرة واللجوء تأخذ في الاعتبار احترام حقوق المحتجزين، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للمهاجرين وللمحتجزين في مراكز الإيواء.
وطالبت بضرورة أن يكون هناك دور لكبريات الشركات العالمية من خلال العمل على إنشاء استثمارات لها في الدول المصدرة للهجرة مثل ليبيا لاستيعاب الأيدي العاملة للقضاء على الفقر والجهل والمرض المنتشر بين مواطني تلك الدول، فهم الذين يشكلون وقود الهجرة غير الشرعية.