كشف تقرير نشره مركز “كارنيجي” التأثيرات المتوقعة نتيجة انهيار نظام بشار الأسد في سوريا على الأوضاع الداخية في ليبيا بما في ذلك النفوذ روسيا وتركيا المتزايد في السنوات الأخيرة.
وقال التقرير الموقع باسم الزميل الأول في برنامج الشرق الأوسط بمركز كارنيجي، فريدريك، إن الفصائل الليبية تتخبّط منذ سنواتٍ عدة في حالة جمود سياسي حال في الغالب دون نشوب صراعٍ كبير في البلاد، لكنه اعتمد إلى حدٍّ بعيد على تفاهم بين روسيا وتركيا اللتَين تنتشر قواتهما العسكرية على الأراضي الليبية.
وتوقع التقرير أن يؤثّر سقوط الأسد على هذا التوازن الهشّ، من خلال تغيير المواقف الاستراتيجية لكلٍّ من هاتَين القوتَين في المنطقة، خاصة من خلال عرقلة قدرة موسكو على نقل المقاتلين والأسلحة إلى ليبيا.
وأشار التقرير إلى أن تداعيات سقوط النظام السوري ستبلغ ذروتها في شرق ليبيا، التي تديرها حكومة أسامة حماد المدعومة من البرلمان وخليفة حفتر نتيجة روابط بين الأسد وخليفة حفتر.
ويرى الباحث أن التطورات الأخيرة بسوريا والقطع المفاجئ لهذه الروابط، جعلت حفتر وجماعته في وضعٍ جديد غير مريح، وقد بدا ذلك جليًا في التغطية الإعلامية المحدودة التي خصّصتها وسائل الإعلام الموالية له للأحداث في سوريا، فضلًا عن غياب ردود فعلٍ شعبية ملحوظة في المدن الواقعة شرق ليبيا عكس ما جرى في مدن الغرب.
وقد يدفع الوضع الجديد حفتر على إعادة النظر في اصطفافاته السياسية داخل البلاد وخارجها، ولا سيما أن أحد داعميه الخارجيين الأساسيين يرزح أيضًا تحت وطأة الضغوط، في إشارة إلى الروس.
وفي مواجهة حالة اللايقين، قد تُقرر روسيا، حسب التقرير، ممارسة ضغوط على حفتر من أجل تأمين وصول بحري أكثر ديمومة إلى ميناء طبرق، الذي يشكّل مركزًا يتدفق عبره الأفراد والمعدّات الروسية إلى أفريقيا.
وقال التقرير إن تركيا قد تكثف تواصلها السياسي والاقتصادي مع حفتر، مستفيدةً من الفرصة التي يتيحها انشغال روسيا بالتداعيات الناجمة عن سقوط الأسد.
وإذا اتّبع أردوغان هذا المسار، سيسعى على الأرجح إلى الحفاظ على دورٍ لموسكو على الأرض في ليبيا، لكنه سيكون أقلّ من السابق، مما قد يزيد من قيمة تركيا لحلف شمال الأطلسي باعتبارها محاورًا وثقلًا موازيًا.
ويري التقرير أن الأحداث التي شهدتها سوريا هذا الشهر، التي تُضاف إلى الحرب المستمرة منذ أكثر من عامٍ في غزة، سيتردّد صداها داخل المجتمع الليبي، حيث لا تزال القوى السياسية المحلية والفصائل المسلحة تضطلع بالأهمية وتؤدّي دورًا فعّالًا.
ويخلص التقرير إلى القول بأن المأزق السياسي الليبي، الذي منع البلاد من المضيّ قدمًا نحو إنهاء الفترة الانتقالية عبر إرساء سلطة تنفيذية مُنتخَبة شعبيًا وحلّ الانقسامات المؤسسية الكبيرة، قد يتفاقم ويشعل جذوة الصراع في المستقبل القريب.