سلطت صحيفة الوئام السعودية الضوء على استخدام إيطاليا للفيلق الأوروبي للسيطرة على النفط الليبي، موضحة أنها تدرك جيدا المخاطر المحتملة، ولهذا السبب اتخذت إجراءات لتأمين عملياتها النفطية، من خلال إطلاق قوة عسكرية مشتركة (الفيلق الأوروبي) مع حكومة الدبيبة.
الصحيفة أوضحت في تقرير لها، أنه لا يزال النفط والأطماع الخارجية به البوصلة الأساسية لمعظم الأحداث والأزمات الأمنية والسياسية التي تعصف بليبيا وتهدد استقرارها.
وأشارت الصحيفة إلى أن ليبيا تعدّ إحدى النقاط الساخنة حول العالم، وتُبيِّن الأحداث الجارية فيها عمق الخلافات وتضارب مصالح الدول المتدخلة في الصراع، وكيف تنشط كل منها بما يلبّي طموحاتها ومصالحها السياسية.
في هذا السياق، أعلن فرحات بن قدارة، رئيس مؤسسة النفط في تصريح له منذ بضعة أيام، أن الموارد النفطية في 70% مِن أراضي ليبيا لا تزال غير مُكتشَفَة.
وحسب خبراء، فإن هذا يشير إلى إمكانات نمو كبيرة للقطاع النفطي الليبي، إضافة إلى امتلاك ليبيا لأكبر احتياطيات نفطية مؤكَّدة في أفريقيا (أكثر من 48 مليار برميل) واحتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.
ووفقا لمقالة نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد فريدمان الإيطالي للدراسات السياسية والاقتصادية، فإن إيطاليا واحدة من الدول الرئيسية المهتمة بالنفط والغاز الليبي، وتسعى للسيطرة على هذه الثروة وتوسيع نفوذها السياسي والأمني والاقتصادي في ليبيا لأهداف عدة؛ أولها السيطرة على النفط والغاز وتوريده وتوزيعه بالكامل، بدليل صفقة الغاز الإيطالية بقيمة 8 مليارات دولار لعام 2023 مع ليبيا.
في السياق، يقول محمد الترهوني، المحلل العسكري، الخبير الاستراتيجي، إن إيطاليا تطمح لأن تصبح مركز الغاز الجديد في البحر المتوسط، إذ تنقل 3 خطوط أنابيب، من أذربيجان وليبيا والجزائر، الغاز إلى شواطئها الجنوبية.
الترهوني يُضيف خلال تصريحات نقلتها “الوئام”، أنه إذا قررت ألمانيا استيراد المزيد من الغاز من منتجي البحر المتوسط، فيمكن أن يمر جزءٌ منه عبر إيطاليا التي يمكنها تخزين المواد بسهولة في حقول الغاز المهجورة في وادي بو.
المحلل العسكري يوضح أنه توجد تقارير عدة تؤكد أن السيطرة الإيطالية في ليبيا سوف تسمح لها بمكافحة المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط واستخدامها كورقة قوة في أوروبا.
وعن نفوذ الدول الأوروبية في أفريقيا، يؤكد الترهوني أن إيطاليا لديها رغبة قوية في وضع حد لتمدّد نفوذ الدول الأخرى وتقليل منافسة القوى العالمية في أفريقيا من بوابة ليبيا؛ مثل تركيا وفرنسا ودول أخرى.
الترهوني أوضح، أن الحكومة الإيطالية لا يمكن أن تقوم بالاستثمارات والمشروعات وتضع الخطط الاقتصادية في ليبيا وتوسع استثماراتها، دون وجود قوات تحمي هذه الخطط والمشروعات، وتضمن أمنها، في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني التي تشهدها البلاد.
وهذا ما أكده معهد فريدمان الإيطالي للدراسات السياسية والاقتصادية، إذ أشار إلى عدم موثوقية سوق الطاقة في ليبيا، عقب الحصار النفطي الأخير الذي دام 5 أسابيع، بسبب نزاع بشأن السيطرة على البنك المركزي.
الترهوني يرى أن المناقشات المتجددة بشأن استكشاف حقل النفط والغاز حمادة، من قبل شركة إيني الإيطالية، أدّت إلى تحريك المليشيات في منطقة الكتلة NC-7 من حقل النفط حمادة ؛ حتى وصلت فوضى سيطرة المليشيات على شؤون غرب ليبيا، إلى النقطة التي أغلق فيها أحد المليشيات صمام الغاز الذي يزوّد أوروبا مؤقتا، احتجاجا على اختطاف ضابط ليبي.
الصحيفة في تقريرها، أوضحت أن إيطاليا تدرك جيدا المخاطر المحتملة، ولهذا السبب اتخذت إجراءات لتأمين عملياتها النفطية، من خلال إطلاق قوة عسكرية مشتركة (الفيلق الأوروبي) مع حكومة الوحدة ، ومقرها طرابلس، بقيادة عبدالحميد الدبيبة .
ويشير الباحث الليبي إلى أن إيطاليا تقدّم لحكومة الوحدة الدعم العسكري والتدريب، في مقابل مساعدة ليبيا على مكافحة المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط، وكذلك لتأمين عمليات النفط الإيطالية في ليبيا.
وشُوهدت القوات المشتركة، المعروفة باسم الفيلق الأوروبي، في ليبيا في مناسبات مختلفة، أثناء الاضطرابات بمناطق التنقيب عن النفط والغاز في الجزء الغربي من البلاد، وكان أحدث ظهور لقوات الفيلق خلال اشتباكات مدينة الزاوية، غربي العاصمة الليبية، أواخر أكتوبر.
الترهوني ينهي تصريحاته منوها بأنّ جميع المعلومات والتقارير التي انتشرت بشأن وجود الفيلق الأوروبي في ليبيا خلال الفترة الماضية، هي صحيحة، وإيطاليا تقوم بدور نشط في دعم مجموعات عسكرية وتدريبها.