اهتمت صحيفة الشرق الأوسط بتقرير ديوان المحاسبة الليبي لسنة 2023، الصادر نهاية الأسبوع الماضي، وما أثاره من انتقادات سياسية وإعلامية كثيرة ضد حكومة عبد الحميد الدبيبة بسبب ما تضمنه من تجاوزات مالية.
الصحيفة أشارت إلى ما تعليقات وسائل الإعلام المحلية، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، على ما جاء في التقرير من أرقام صادمة، أنفقت على رواتب موظفي السفارات ورحلات الطيران الخاص.
صحيفة الشرق الأوسط نقلت تصريحات الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، الذي قال إن نظام مقايضة النفط مقابل الوقود في مقدمة الأسباب التي أدت إلى تراجع إيرادات البلاد عام 2023.
حرشاوي أضاف أن ديوان المحاسبة كشف عن أن ما يقرب من ثلث إنتاج ليبيا النفطي لعام 2023 لم يُبع بالدولار، بل تم بيعه مقابل وقود، وهكذا كان الوضع أيضا عام 2022، عادّاً أن هذه النسبة من النفط الخام التي لا يتم بيعها بالدولار تعد نسبة غير معقولة، ومثيرة للتساؤلات.
وأشار إلى اعتماد ليبيا بشكل رئيسي على عائدات بيع النفط بالأسواق العالمية لتحصيل الدولار للتمكن من دفع فاتورة ضخمة من الواردات الأساسية، التي لا تستطيع الاستغناء عنها من غذاء وأدوية وخامات ومواد بناء.
وذكرت الصحيفة قول أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد فضيل، إن نظام المقايضة للنفط الخام مقابل الوقود أوجد فروقاً في الإيرادات العامة للدولة.
وأوضح فضيل أن ما وصل إلى خزانة الدولة الليبية هو فقط نحو 20 مليار دولار بدلاً من 28 مليارا، ولتوجيه هذا الفارق، تم مقايضة النفط بالمحروقات بالمخالفة للقانون المالي للدولة، مما نتج عنه تشوه وتراجع إيرادات البلاد، لافتاً إلى أن تكلفة هذه المقايضة في عام 2020 كانت في حدود 3 مليارات دولار، أي أنها ارتفعت خلال السنوات الماضية بقيمة 5,6 مليار دولار.
ويرى الأكاديمي الليبي أن هذا الارتفاع في استيراد المحروقات خلال هذه المدة الزمنية القصيرة، الذي لم يواكبه توسع في الإنتاج يعطي مؤشرات قوية على وجود انحراف مالي وإداري، معربا عن اعتقاده بأن أغلب ناقلات المحروقات يتم تهريبها، سواء بعد تفريغها في المواني الليبية أو خلال رحلتها البحرية.
يشار إلى أن ليبيا تحتل منذ سنوات مركزاً متقدماً في قائمة الدول الأكثر فساداً على مستوى العالم، وفق مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية.
وفتح تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023، الذي تم تسريبه قبل صدوره رسمياً، باباً جديداً من الانتقادات الموجهة لحكومة الدبيبة والمؤسسات التابعة لها، بعدما كشف عن وقائع فساد، وسط مطالب سياسية ومجتمعية بفتح تحقيق فيما تضمنه من تجاوزات.
وتنوعت أشكال الإنفاق والتجاوزات المالية، التي أوردها تقرير الديوان، بين رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات الليبية لـ3478 موظفاً، منهم 1923 دبلوماسياً، و1555 عمالة محلية، والإنفاق ببذخ على شراء سيارات فارهة للمسؤولين، واستئجار طائرات خاصة.
وأفاد التقرير بأن رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات وصل إلى 1.5 مليار دينار، كما أظهر تخصيص قرابة 50 مليون دينار لبند سيارات، وقرابة نصف مليار دينار للتدريب ضمن نفقات مؤسسة النفط.
كما رصد التقرير صرف نفقات بدل سكن موظفي ديوان مجلس الوزراء ما مجموعه 847 ألف دينار، وسداد الحكومة 316.44 ألف دينار مقابل حجوزات فندقية لفترات طويلة لأشخاص، دون توضيح صفاتهم أو تبعيتهم.
ورصد إنفاق 10 آلاف دولار مقابل إقامة وفود رئاسية لليلة الوحدة في جناح فندقي خلال زيارتها إلى نيويورك، رغم وجود مقر ليبي لضيافة الشخصيات المرموقة، كما تضمن التقرير صرف 720 ألف دينار، مقابل توفير طائرة لنقل نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى دولة غينيا مؤخراً.
وأظهر التقرير أيضاً توسع حكومة عبد الحميد الدبيبة، في الإنفاق بشكل كبير، بداية من الصرف على رحلات الطيران قيمتها أكثر من مليوني ونصف مليون، وصولاً إلى إنفاقها 665 ألف دينار على إحياء ليلة القدر خلال شهر رمضان الماضي، بالإضافة إلى تخصيص نحو نصف مليون دينار لإقامة ندوة تتعلق بالانتخابات.