كشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2023 عن حقيقة مرعبة تنذر بكارثة اقتصادية، حيث رصد هدراً منهجياً للمال العام طوال أحد عشر عاماً بلغت قيمته الإجمالية 830 مليار دينار ليبي بين 2012 و 2023.
في تفاصيل صادمة، أوضح الاقتصادي يوسف يخلف مسعود أن البلاد تعيش حالة من الإنفاق العشوائي غير المبرر، حيث تم رصد ميزانيات مستقبلية بلغت 7.6 مليارات دينار، منها 6.227 مليارات لوزارة الدفاع و1.350 مليار لشركة الكهرباء التي وصفها بـ “بالوعة الهدر”.
وزادت المفارقة وضوحاً عندما تبين أن شركة الكهرباء حصلت على ميزانية استثنائية بلغت 9 مليارات دينار، لتُمنح بعدها ميزانية مستقبلية إضافية بـ 1.350 مليار دينار. وبلغ الإنفاق الحكومي خلال العام الجاري 144 مليار دينار.
واوضح أن المواطن يقف محتاراً أمام هذا المشهد المأساوي، حيث يُواجه بعبارة “لا توجد أموال” عندما يطالب بمستحقاته، بينما تتدفق المليارات بسخاء عند الحاجة.
وحذر يخلف مسعود من أن عبثية الإنفاق تمثل جريمة حقيقية، موضحاً أن هذه الأموال كان يجب توجيهها نحو مجالات حيوية مثل الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والخدمات الاستثمارية لبناء جهاز إنتاجي للبلاد.
تزداد خطورة الأمر عندما نُدرك أن هذا الهدر سيكون له تأثير مدمر ليس فقط على الجيل الحالي، بل على الأجيال المستقبلية التي ستدفع ثمن هذا الهدر المنهجي.
يبدو أن ليبيا أمام منعطف خطير، حيث يتواصل نزيف المال العام بشكل يهدد مستقبل الدولة ومقدرات شعبها، في ظل غياب المحاسبة والشفافية.