أكد المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، أن المتابع للمشهد الليبي بدقة خاصة منذ وصول السلطة التنفيذية من رئاسي وحكومة وحدة لرأس السلطة في البلاد يتأكد له أن هذه الأجسام ركزت منذ خطواتها الأولى لتكريس وتثبيت أركان حكمها لأطول مدة ممكنة رغم أنها أجسام تم انتخابها لإدارة مرحلة انتقالية لا تتجاوز العامين.

المركز الليبي أوضح خلال ورقة تحليلة له، أن هذه المؤسسات تجاوزت كل هذه المدد القانونية وجددت لنفسها دون أي استفتاء لتحكم أكثر من 4 سنوات حتى الآن.

وأشار إلى أنه في حين كانت السلطة الجديدة   الرئاسي وحكومة الوحدة تثبت أركانها في غرب البلاد ووسطها وجنوبها وحاولت في شرقها لكنها لم تستمر ولم تنجح، كان هناك معسكر آخر في شرق البلاد عمره أكبر من هذه السلطة بأضعاف وهو مجلس النواب القابع فوق المشهد السياسي الليبي منذ أكثر من 10 سنوات، ويتشدق دوما بالتداول السلمي على السلطة وضرورة الذهاب إلى الانتخابات.

وشددت الورقة التحليلية، على أن هذه الأجسام التي اعتبرت الدولة الليبية “مربوعة خاصة ” يتحكمون في أدق تفاصيلها من سياسة واقتصاد وجيش وأمن وعلاقات خارجية، بدأت منذ اللحظة الأولى معركة ” شخصية ” أرادت بها تكسير عظام الخصم لينقاد لجموحها ومصالحها، ووسط هذه الحروب (الغير شريفة) دفع المواطن ضريبتها من قوت يومه وأمنه القومي وحتى راتبه الشخصي.

وكشف المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، أن من القضايا التي أثارت جدلا وتساؤلات مؤخرا في المشهد السياسي العام في ليبيا هو قرار المجلس الرئاسي الذي أصدره في 11 أغسطس 2024 بإنشاء جسم جديد تحت مسمى ” المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني “، موضحا أن الهدف منها هو تنفيذ الاستفتاءات والاستعلامات الوطنية من الإعداد والتحضير إلى الإشراف على التصويت وفرز النتائج، وكذلك تسجيل المواطنين الراغبين في المشاركة في الاستفتاءات وفقا للقوانين الانتخابية وتوزيع مراكز الاستفتاء وفقا للدوائر الانتخابية المعتمدة.

وأضاف أنه لم يكتفي القرار بتشكيل جسم جديد لكنه منح هذه المفوضية سلطة اعتماد المراقبين المحليين والدوليين، وكذلك اعتماد الإعلاميين المحليين والدوليين لضمان التغطية الشاملة والشفافة في العملية الانتخابية.

كما اعتبر الرئاسي المفوضية هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها مع إمكانية ممارسة مهامها في أي مدينة أخرى بموافقة رئيس المجلس، وتكون قراراتها علانية ولا يجوز التدخل في اختصاصها، كما سيكون لها فروع داخل ليبيا.

ورغم ما منحه الرئاسي من صلاحيات واستقلالية للمفوضية، إلا أنه منح رئيسه ” المنفي” صلاحية تحديد الموضوعات التي تتطلب إجراء عملية الاستفتاء والموافقة على نتائجها، مع ضمان حياد المفوضية والتزامها بشفافية العملية التي تجرى تحت إشرافها.

ونوه لسيناريوهات ومستقبل مفوضية الاستفتاء والتي ستكون كالتالي:

– تنفيذ الاستفتاء في ديسمبر المقبل

– نجاح الضغط على البرلمان

– تقاسم ملف الانتخابات والدستور

– إلغاء قرار مفوضية الاستعلام الوطني

وأوضح إن فكرة مفوضية الاستفتاء الواردة عن المجلس الرئاسي ورفضها من مجلس النواب والتخوفات المصاحبة لذلك من قبل بعض الأحزاب والقوى السياسية، لا تعدو عن كونها مرحلة جديدة من المناكفات والحروب الغير شريفة لتكسير عظام الخصم، من أجل الاستفراد بمشهد مهترئ وتوجيهه لتحقيق مصالح شخصية ومناطقية وتفريغه من مضمونه ليتحول إلى لعبة شطرنج يتبادل فيها ” ديناصورات ” المشهد السياسي الليبي الأدوار والمناصب والأموال وفقط.

Shares: