سلطت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الضوء على القلق المتزايد في ليبيا من ملف توطين المهاجرين غير النظاميين، وسط مخاوف حكومية وشعبية من التداعيات المحتملة على الأمن والهوية الوطنية، في إطار تسويق مبررات تطبيق نظام «الكفيل الخاص» في إدارة ملف العمالة الوافدة.
كشفت التقديرات الرسمية أن ليبيا استقبلت نحو 2.5 مليون مهاجر غير نظامي منذ عام 2011.
وأبدت حكومة الدبيبة، ممثلة بوزير العمل علي العابد، مخاوف جدية من إمكانية “التوطين”، خاصة أن التشريع الليبي يمنح المهاجر حق الحصول على الجنسية بعد العشر سنوات، وربما التصويت على الدستور.
وعرّف البرلمان الليبي التوطين بأنه “إدخال الأجانب إلى ليبيا بقصد اتخاذها موطناً دائماً”، سواء بتأشيرة صحيحة أو بدونها. وأقر مجلس النواب في أغسطس الماضي تشريعاً لمكافحة توطين الأجانب، يتضمن عقوبات تتراوح بين الغرامة والحبس.
يخشى المراقبون من تهديدات محتملة للأمن القومي الليبي، حيث يرى الدكتور محمد حسن مخلوف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بنغازي، أن التوطين قد يؤدي إلى “اختراقات أمنية خطيرة” وارتفاع معدلات الجريمة في بلد غير مؤهل لاستضافة المهاجرين.
في خطوة استباقية، اختارت حكومة الدبيبة تطبيق نظام “الكفيل الخاص”، الذي يلزم صاحب العمل بإخراج العامل خارج البلاد بعد 3 سنوات من تواجده. كما أطلقت وزارة العمل مبادرة لتخصيص سكن خاص للعمالة الوافدة، بهدف منع أي فرص للتوطين.
تدخلت المنظمة الدولية للهجرة على الخط، حيث تحدثت نيكوليتا جيوردانو، رئيسة بعثة المنظمة في ليبيا، عن استراتيجية دولية لتحسين إدارة الهجرة.
وأشارت إلى أن 80% من المهاجرين يأتون من دول مجاورة مثل النيجر والسودان ومصر وتشاد.
قوبلت تصريحات جيوردانو برفض شديد من تجمع الأحزاب الليبية، الذي اعتبرها محاولة للإيحاء بأن الأفارقة يقصدون الإقامة في ليبيا وليس العبور إلى أوروبا.
رأى بعض السياسيين، مثل عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد أبو بريق، أن الحديث عن التوطين يحمل بعض المبالغة، معتبراً أنه “رهن لقوانين البلد نفسها”.
الباحثة الفرنسية فيرجيني كولومبييه أشارت إلى “مخاوف عميقة الجذور بين الليبيين”، مؤكدة أن ليبيا بلد عبور رئيسي للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا، وكانت سوق عمل جذابة خلال عهد العقيد معمر القذافي.