نشر موقع “أفريكان مانجر” الاقتصادي التونسي تقريرًا تحليليًا مفصلًا كشف عن التوترات المستمرة في العلاقات بين ليبيا وتونس، مركزًا على حقل البوري النفطي كمحور رئيسي للخلافات المتجددة.
رصد التقرير الذي تابعته وترجمت صحيفة “المرصد”، حالة معقدة من العلاقات الثنائية التي تتأرجح بين الشراكة الاستراتيجية والنزاعات المتكررة، خاصة في ما يتعلق بالمسائل الحدودية وملكية الموارد الطبيعية.
ويقع حقل البوري النفطي في موقع استراتيجي بالجرف القاري التونسي الليبي، على بعد 120 كيلومترًا من الساحل الليبي، ويعتبر من أكثر حقول الطاقة إنتاجية في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.
التقرير أكد أن الحقل يمثل أكثر من مجرد مورد اقتصادي، فهو يحمل دلالات سيادية عميقة لكلا البلدين، حيث يشكل رمزًا للسيطرة على الموارد الطبيعية المربحة، ويؤدي دورًا محوريًا في دعم قطاع الطاقة الليبي وتأثيره على الاستقرار الاقتصادي الإقليمي.
التقرير شدد على أن التناقضات المستمرة في التصريحات الرسمية بين الجانبين التونسي والليبي تعكس عمق التعقيدات في العلاقات الثنائية، حيث تظل قضية ترسيم الحدود نقطة خلاف جوهرية رغم المحاولات المتكررة لحلها.
التقرير نوه للتوترات حول حقل البوري تعكس تحديات أعمق تتجاوز البعد الاقتصادي لتشمل أبعادًا سياسية وأمنية معقدة في منطقة مضطربة إقليميًا.
رغم التحديات، يؤكد التقرير التزام كل من تونس وليبيا بمعالجة القضايا الحدودية بما يحفظ العلاقات الثنائية ويحقق المصالح الوطنية، تاركًا الباب مفتوحًا أمال التسوية المستقبلية.
ويعود أصل التوتر بين تونس وليبيا بشأن ترسيم الحدود بينهما إلى حقل البوري وهو خامس أكبر المنصات البحرية في أفريقيا، والأكثر إنتاجاً في البحر المتوسط، واكتشف عام 1976.
وتصل الاحتياطات المثبتة من النفط الخام في الحقل إلى 72 مليون برميل و3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتديره شركة مليتة للنفط والغاز التابعة لمؤسسة النفط الليبية بالمشاركة مع شركة “إيني” الإيطالية.
وخاضت تونس وليبيا صراعاً قضائياً أمام المحكمة الدولية بلاهاي بين عامي 1978 و1982، وعلى رغم أن العقيد الراحل معمر القذافي اقترح آنذاك على تونس اقتسام ثروات الجرف القاري، فإن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة رفض ذلك، واختار رفع قضية أمام المحكمة الدولية بلاهاي، وهو ما تم بالفعل عام 1978.
واختارت اللجنة التونسية برئاسة الصادق بلعيد، الذي اختاره سعيد أخيراً لرئاسة لجنة الدستور، والدبلوماسي نجيب البوزيري، أن تستند في دفاعها إلى التاريخ والجيومورفولوجيا، وعلى الحقوق التونسية في صيد الإسفنج، فيما اعتمدت ليبيا في دفاعها على الجيولوجيا وتحرك الطبقات الأرضية.
وفي 24 فبراير 1982 أصدرت محكمة لاهاي قراراً نهائياً ورسمياً يؤكد السيادة الكاملة لليبيا على الجرف القاري، من دون إعطاء أي نصيب لتونس.
ولاحقاً تقدمت تونس لمحكمة العدل الدولية بلاهاي بطلب إعادة النظر في الحكم قصد تعديله، لكن بتاريخ 10 ديسمبر 1985 صدر حكم يقضي برفض الدعوى القضائية وتقبلت تونس الحكم للمرة الثانية.