سلط موقع “الوسط” على توغل إيطاليا في ليبيا، موضحًا أن عدم الاستقرار في ليبيا لمدة طويلة أثر على مصالح إيطاليا التي قصدها مهاجرون أفارقة بشكل مكثف منذ أحداث 17 فبراير في العام 2011، بالتزامن مع انتشار التوترات الإقليمية من منطقة الساحل الأفريقي إلى سواحل البحر المتوسط.
التقرير أكد أنه في مسعى متواصل للتأثير في المشهد الليبي، تعمل إيطاليا على تعزيز نفوذها من خلال مقاربة شاملة تمزج بين المصالح الاقتصادية والأمنية والسياسية، منذ تولي رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني السلطة، تكثفت الجهود الإيطالية للتموضع في ليبيا.
ميلوني زارت ليبيا ثلاث مرات في عام 2024، آخرها في أواخر أكتوبر، حيث التقت بالأطراف المختلفة بما في ذلك رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة وخليفة حفتر، هذه الزيارات عكست الرغبة الإيطالية في لعب دور محوري في المشهد الليبي.
التقرير أشار إلى أنه يتمحور الاهتمام الإيطالي حول ثلاثة محاور رئيسية، أولها: إدارة تدفقات الهجرة، حيث وصل في عام 2023 نحو 140 ألف مهاجر إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط، ثانيها: حماية المصالح الاقتصادية، خاصة في قطاع الطاقة، حيث تنقل شركة إيني سنويًا 12.3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ثالثًا: السعي للعب دور استراتيجي نيابة عن الاتحاد الأوروبي لمواجهة النفوذ الروسي والتركي في المنطقة، وقد استثمرت إيطاليا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، نحو 479 مليون يورو لمنع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا.
رغم هذه الجهود، يحذر معهد الدراسات السياسية الدولية من تراجع النفوذ الإيطالي في ليبيا، منتقدًا التركيز على المكاسب قصيرة المدى والتعامل مع الميليشيات المحلية، مما قد يقوض الجهود الاستراتيجية طويلة المدى.
مراقبون يقولون إن هواجس التوسع الروسي والتركي فرضت على الاتحاد الأوروبي تكليف روما بتكثيف مبادراتها تجاه القضية الليبية.
وبتولي رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني السلطة المنتمية إلى تيار اليمين المتطرف منذ نحو عامين، فتحت روما أذرعها لمعسكري طرابلس والرجمة في الوقت ذاته رغم الانتقادات والتناقضات بين المعسكرين.
تسعى ميلوني إلى جعل ليبيا شريكا اقتصاديا وسياسيا لا غنى عنه، حيث تراقب عن كثب التطورات بالبلاد، معتبرة إياها مصدرا رئيسيا للفرص والتحديات التي تؤثر بشكل مباشر على سياستها الخارجية والداخلية.
ولدى الإيطاليون هدفان رئيسيان هما إدارة تدفقات الهجرة من ليبيا، وحماية أصول «إيني»، وتأمين عقود الطاقة الخاصة بها، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتوسيعها.
التقرير شدد على أنه يبرز ذلك أكثر من خلال دراسة توجهات الإيطاليين أنفسهم، إذ كشف موقع «ستاتيستا» المتخصص في الإحصائيات نتائج استطلاع رأي في أواخر أغسطس حول مواقف الإيطاليين تجاه العلاقات مع ليبيا.
ووافق نحو 70% على أن الحكومة الإيطالية يجب أن تعبر بصوت أعلى عن مخاوفها بشأن الوضع الإنساني للمهاجرين الذين وصلوا إلى ليبيا على أمل الوصول إلى شواطئ أوروبا، وعلاوة على ذلك، يعتقد أكثر من نصف المستطلعين أن إيطاليا يجب أن تلعب دورًا أكثر أهمية في بلدان شمال أفريقيا، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.
ويشير الباحث والناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم إلى تقرب إيطاليا من ليبيا في العام 2008، حيث جرى التوقيع خلال حقبة معمر القذافي على اتفاقية الصداقة التي لم تنفذ بشكل كامل، وبعد العام 2011 جرى إبرام اتفاقية أخرى لاستئناف العلاقات.
وأضاف في تصريحات نقلتها «الوسط» أن الاهتمام الإيطالي الكبير هو ملف الهجرة وقضية تأمين الحدود البرية والبحرية، وذلك بدعم من الاتحاد الأوروبي الذي يحاول التصدي للتدخل الروسي والتمدد التركي في ليبيا.
وتسعى روما إلى ضمان الاستقرار على حدودها الجنوبية لوقف تدفقات اللاجئين القادمين من أفريقيا عن طريق زيادة التعاون مع ليبيا وتونس.