في خطوة غير مسبوقة في تاريخ ليبيا والمنطقة، وصل كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إلى العاصمة طرابلس صباح اليوم، حيث سيقدم إحاطته لمجلس الأمن الدولي مباشرة من الأراضي الليبية، وفقاً لما أعلنته مؤسسة حقوق الإنسان في ليبيا.
وأكدت المؤسسة الحقوقية أن أجندة زيارة خان تشمل لقاءات رفيعة المستوى مع كل من النائب العام المستشار الصديق الصور، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.
ولفتت المؤسسة الحقوقية إلى أن المباحثات أسفرت عن اتفاقات مهمة، أبرزها تمديد عمل المحكمة لثلاث سنوات إضافية مع توسيع نطاق صلاحياتها لتشمل المسار الحقوقي إلى جانب الجنائي، كما تم الاتفاق على تعزيز التكامل القضائي ودعم إصدار أوامر قبض جديدة ضد متهمين بارتكاب جرائم إنسانية.
وتكتسب الإحاطة أهمية خاصة كونها تأتي بعد إصدار المحكمة مذكرات توقيف بحق ستة ليبيين متهمين بارتكاب جرائم في ترهونة، حيث جمع مكتب المدعي العام أكثر من 20 فحصاً مبدئياً وإفادات شهود، إضافة إلى أدلة توثق انتهاكات واسعة النطاق.
وأكدت المنظمة، أن توسيع نطاق عمل المحكمة يمثل تطوراً مهماً، إذ سيشمل الجرائم الفردية الممنهجة ضد فئات محددة في المجتمع، بما فيها الانتهاكات الموجهة ضد المرأة والسياسيين والإعلاميين والممتلكات الخاصة والمجموعات الدينية، حتى إن صدرت عن مؤسسات رسمية.
ويعتزم مجلس الأمن الدولي عقد جلسة للاستماع إلى إحاطة نصف سنوية من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بشأن التطورات المتعلقة بالوضع في ليبيا.
ومن المنتظر أن تركز إحاطة خان الاستثنائية من العاصمة طرابلس على التدابير والأنشطة التي تضطلع بها محكمة الجنايات الدولية، لضمان تحقيق المحاسبة والعدالة للجرائم المرتكبة في ليبيا، وهي القضية الأساسية بالنسبة إلى مجلس الأمن، إضافة إلى عدة ملفات أهمها حقوق الإنسان والاعتقال التعسفي.
وتحصلت الجنائية الدولية على أدلة تتعلق بانتهاكات قامت بها مليشيات حفتر، في مدينة ترهونة، من ضمنها جرائم قتل خارج القانون واختطاف وعنف جسدي والاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الإنسان، وذلك بحسب تأكيد من المدعي العام للمحكمة كريم خان في إحاطة قدمها لمجلس الأمن في نوفمبر 2022.
وكان كريم خان قد زار مدينة ترهونة وتفقد العديد من المقابر الجماعية وتابع إخراج عشرات الجثث منها.
ومنذ عام 2011 تركت الفوضى الأمنية التي عاشتها ليبيا، بصمتها على ملف حقوق الإنسان، في ظل الإفلات من المحاسبة والعقاب، إذ رصدت العديد من المنظمات الدولية والليبية ارتكاب انتهاكات واسعة بحق مواطنين ومهاجرين.
ولا يزال العديد من المواطنين، خاصة سكان مدينة ترهونة، يطالبون السلطات الأمنية والقضائية بكشف مصير ذويهم الذين اختفوا منذ سنوات دون معاقبة الجناة.
وبشأن الجرائم التي جرت في الفترة من 2014 إلى 2020، أكد مكتب المدعي العام للجنائية الدولية مواصلة تحليل وتقييم الأدلة المتعلقة بما ادعي بارتكابه من عمليات قتل خارج نطاق القضاء واختطاف وتدنيس حرمة الجثث واختفاء قسري واحتجاز الرهائن وعنف جنسي ونهب وشن غارات جوية عشوائية واستخدام الألغام وتدمير الممتلكات.
وكان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قد جمع في نوفمبر من العام الماضي، أكثر من 20 فحصا مبدئيا وإفادة شهود، إضافة إلى السجلات الطبية والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو المتعلقة بأدلة ارتكاب جرائم في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا تحت مسؤولية العديد من الجماعات والسلطات المختلفة.