أكد المحلل السياسي إبراهيم بلقاسم أن قضية ترسيم الحدود بين ليبيا وتونس قد حُسمت نهائياً، ولا مجال لإعادتها للنقاش.
وأشار بلقاسم إلى أن المناطق التي تطالب تونس بإعادة ترسيمها هي أراضٍ ليبية خالصة، ولا يحق لأي طرف التدخل في شؤونها.
ويرى بلقاسم أن إثارة قضية ترسيم الحدود مجدداً هو محاولة من بعض الأطراف لتحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية، وذلك من خلال استغلال الشعور الوطني.
وحذر المحلل السياسي من عواقب إعادة فتح هذا الملف الذي من شأنه أن يضر بالعلاقات الثنائية، مؤكداً أن الحدود بين البلدين قد ترسّخت تاريخياً.
وشدد بلقاسم على أهمية العلاقات الثنائية بين ليبيا وتونس، لا سيما في المجالات الاقتصادية والسياحة العلاجية التي تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين.
يعود أصل التوتر بين تونس وليبيا بشأن ترسيم الحدود بينهما إلى حقل البوري وهو خامس أكبر المنصات البحرية في أفريقيا، والأكثر إنتاجاً في البحر المتوسط، ويقع على بعد 120 كيلومتراً شمال الساحل الليبي، واكتشف عام 1976، تصل الاحتياطات المثبتة من النفط الخام في الحقل إلى 72 مليون برميل و3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتديره شركة مليتة للنفط والغاز التابعة لمؤسسة النفط الليبية بالمشاركة مع شركة “إيني” الإيطالية.
وخاضت الجارتان تونس وليبيا صراعاً قضائياً أمام المحكمة الدولية بلاهاي بين عامي 1978 و1982، في خضم خلاف في شأن رواسب صخرية متعددة المعادن تضم كميات هائلة من البترول والغاز والثروات السمكية والمعدنية، كجزء من خلافات حدودية ورثتها الدولتان الجارتان عن الاستعمارين الفرنسي، كان أكثرها حدة الخلاف المتعلق بالحدود البحرية الذي وصل إلى حد الصدام العسكري أحياناً عرض البحر بين القطع البحرية للبلدين.
وعلى رغم أن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي اقترح آنذاك على تونس اقتسام ثروات الجرف القاري، فإن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة رفض ذلك، واقترحت عليه مجموعة من أساتذة القانون، من ضمنهم العميد الصادق بلعيد، رفع قضية أمام المحكمة الدولية بلاهاي، وهو ما تم بالفعل عام 1978.
واختارت اللجنة التونسية برئاسة الصادق بلعيد، الذي اختاره سعيد أخيراً لرئاسة لجنة الدستور، والدبلوماسي نجيب البوزيري، أن تستند في دفاعها إلى التاريخ والجيومورفولوجيا، وعلى الحقوق التونسية في صيد الإسفنج، فيما اعتمدت ليبيا في دفاعها على الجيولوجيا وتحرك الطبقات الأرضية.
وفي 24 فبراير 1982 أصدرت محكمة لاهاي قراراً نهائياً ورسمياً يؤكد السيادة الكاملة لليبيا على الجرف القاري، من دون إعطاء أي نصيب لتونس.
ولاحقاً تقدمت تونس لمحكمة العدل الدولية بلاهاي بطلب إعادة النظر في الحكم قصد تعديله، لكن بتاريخ 10 ديسمبر 1985 صدر حكم يقضي برفض الدعوى القضائية وتقبلت تونس الحكم للمرة الثانية.