كشفت دراسة حديثة صادرة عن رابطة الناتو في كندا عن اعتراف صريح بفشل الحلف في تحمل مسؤولياته تجاه ليبيا في أعقاب التدخل العسكري عام 2011، مشيرة إلى أن هذا التدخل كان مدفوعاً بمصالح تجارية وحسابات سياسية واقعية.

وأوضحت الدراسة أن ليبيا تحولت إلى دولة فاشلة بعد مرور أكثر من عقد على التدخل العسكري، معتبرة إياها مثالاً إضافياً على ضعف القدرة الغربية في التعامل الفعال مع قضايا العالم الإسلامي، على غرار ما حدث في العراق وسوريا وأفغانستان.

وأشارت الدراسة إلى أن الحلف تبنى مبدأ “مسؤولية الحماية” كذريعة للتدخل، والذي يلزم المجتمع الدولي بحماية المدنيين من العنف المنظم والإبادة الجماعية. غير أن الدوافع الحقيقية للتدخل كانت متباينة بين الدول الأعضاء، مع التركيز بشكل خاص على ضمان إمدادات الطاقة.

وحسب الدراسة، فإن الأزمة الحقيقية بدأت بعد سقوط نظام الرئيس الراحل القذافي، حيث لم يكن هناك خطة منظمة للانتقال السياسي، مما أدى إلى اندلاع حربين أهليتين: الأولى في 2011، والثانية امتدت من 2014 إلى 2020. وأدى هذا الوضع إلى فشل في إنشاء مؤسسات حكومية فاعلة، حيث أصبحت القطاعات المالية والنفطية تعمل بشكل مستقل عن الحكومة وتوزع الأموال على زعماء المليشيات المتنافسة.

وكشفت الدراسة عن أرقام صادمة، حيث قدرت الأمم المتحدة في 2016 أن نحو 1.3 مليون ليبي من إجمالي 6.2 مليون نسمة كانوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية. كما لقي نحو 30 ألف ليبي حتفهم منذ 2014 أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط.

وزعمت الدراسة إلى أن الفشل لم يكن في العملية العسكرية لحلف الناتو بحد ذاتها، بل في خطة إدارة أوباما لمرحلة ما بعد 2011، التي اعتمدت بشكل مفرط على قدرة المجلس الانتقالي في الحكم دون تدخل عسكري أمريكي كبير.

واعتبرت الدراسة هذا التدخل درساً مهماً لصناع السياسة الغربيين حول ضرورة تجنب الوقوع في فخ “الوضوح الأخلاقي” المزعوم عند اتخاذ قرارات التدخل العسكري.

وتشهد ليبيا منذ أحداث 17 فبراير عام 2011 حالة من التناحر السياسي والتكالب على ثروات ليبيا دون النظر إلى أحوال الليبيين الذين يعانون الويلات، حتى أصبحت البلاد مطمعا لكل الدول المجاورة.

Shares: