قال المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت إن تونس تسعى إلى ترسيم حدودها مع ليبيا والجزائر، وذلك في ظل التطورات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة.
ونفى ثابت خلال تصريحات تلفزيونية لفضائية “الحدث السعودية”، وجود أي أطماع توسعية وراء هذا المسعى.
وأضاف أن هذه التطورات تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في ترسيم الحدود وتحديد إحداثياتها وعلاماتها، خاصة في المناطق الصحراوية.
وأشار إلى أن حسم القضية المتعلقة بالرواسب الصخرية الغنية بالنفط والغاز والمعادن في المنطقة، والتي حكمت فيها محكمة لاهاي لصالح ليبيا، يزيد من أهمية ترسيم الحدود بشكل دقيق.
وشدد ثابت على أهمية ترسيم الحدود في ظل الظروف الأمنية الحساسة التي تمر بها المنطقة، مستنكراً التضخيم الإعلامي لهذا الموضوع.
وأكد أن ترسيم الحدود هو مطلب مشترك للبلدان المعنية، ولا يهدف إلى خلق مشاكل أو تهديد أمن واستقرار الجوار.
ويعود أصل التوتر بين تونس وليبيا بشأن ترسيم الحدود بينهما إلى حقل البوري وهو خامس أكبر المنصات البحرية في أفريقيا، والأكثر إنتاجاً في البحر المتوسط، ويقع على بعد 120 كيلومتراً شمال الساحل الليبي، وتديره شركة مليتة للنفط والغاز التابعة لمؤسسة النفط الليبية بالمشاركة مع شركة “إيني” الإيطالية.
وخاضت الجارتان تونس وليبيا صراعاً قضائياً أمام المحكمة الدولية بلاهاي بين عامي 1978 و1982، في خضم خلاف في شأن رواسب صخرية متعددة المعادن تضم كميات هائلة من البترول والغاز والثروات السمكية والمعدنية، كجزء من خلافات حدودية ورثتها الدولتان الجارتان عن الاستعمارين الفرنسي، كان أكثرها حدة الخلاف المتعلق بالحدود البحرية الذي وصل إلى حد الصدام العسكري أحياناً عرض البحر بين القطع البحرية للبلدين.
وعلى رغم أن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي اقترح آنذاك على تونس اقتسام ثروات الجرف القاري، فإن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة رفض ذلك، واقترحت عليه مجموعة من أساتذة القانون، من ضمنهم العميد الصادق بلعيد، رفع قضية أمام المحكمة الدولية بلاهاي، وهو ما تم بالفعل عام 1978.
واختارت اللجنة التونسية برئاسة الصادق بلعيد، الذي اختاره سعيد أخيراً لرئاسة لجنة الدستور، والدبلوماسي نجيب البوزيري، أن تستند في دفاعها إلى التاريخ والجيومورفولوجيا، وعلى الحقوق التونسية في صيد الإسفنج، فيما اعتمدت ليبيا في دفاعها على الجيولوجيا وتحرك الطبقات الأرضية.
وفي 24 فبراير 1982 أصدرت محكمة لاهاي قراراً نهائياً ورسمياً يؤكد السيادة الكاملة لليبيا على الجرف القاري، من دون إعطاء أي نصيب لتونس.
ولاحقاً تقدمت تونس لمحكمة العدل الدولية بلاهاي بطلب إعادة النظر في الحكم قصد تعديله، لكن بتاريخ 10 ديسمبر 1985 صدر حكم يقضي برفض الدعوى القضائية وتقبلت تونس الحكم للمرة الثانية.
ورغم أن البلدين وقّعا عدة اتفاقيات لضبط الحدود والتعاون الأمني، إلا أن الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا بعد 2011 زاد من تعقيد الأمور.
وتطورت التحديات الحدودية لتشمل مسائل السيادة والأمن، وتهريب السلع والبشر، ما دفع سلطات البلدين لإغلاق المعابر بينهما وفتحها مرارا.