كشف المستشار عبدالرحمن أبوتوتة، رئيس المحكمة العليا الأسبق، عن رؤية عميقة في طبيعة التلاحم الاجتماعي الليبي، مستشهداً بمظاهر الوحدة الوطنية التي تتجلى في أوقات المحن والأفراح على حد سواء.
وأشار أبوتوتة، في منشور عبر منصة فيسبوك، إلى المشهد الملفت للشباب الليبي المجتمع في الصحراء، متخلين عن راحة منازلهم، مفضلين الافتراش على تراب وطنهم الطاهر.
ولفت إلى أن هذه الظاهرة تتجاوز التفسيرات التقليدية لعلماء النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا، موضحًا أن في طباعهم شدة وحدة، لكن في أعماقهم الرحمة، وفي خصالهم النخوة والكرم، ومن صفاتهم الشجاعة والبأس ذلك ما أثبته عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته الشهيرة.
واستدل المستشار القانوني على عمق الترابط الليبي بواقعة مؤثرة من كارثة فيضان درنة، حيث تبرع شيخ مسن من الغرب الليبي بعباءته الشتوية (الحولي) لمتضرري الفيضان في الشرق.
ولفت إلى أنه عندما شاهد إصراره علي التبرع به سقطت من عينه دمعة على موقف هز المشاعر والأبدان، وهو يقول (أنا لا أملك مالا ولا سيارة سوى هذا الحولي وأريد التبرع به لضحايا درنة)، لم يكن موقف ذلك الشيخ الطاعن في السن لأجل الرياء أو طلبا للشهرة، بل كان تعبيرا عن النخوة المتأصلة في جينات أجداده”.
وأكد أن هذا الموقف يعكس أصالة القيم الليبية المتوارثة، مستذكراً كلمات المؤرخ ابن خلدون عن شجاعة وكرم الليبيين.
واستحضر أبوتوتة من التاريخ معارك الهاني والقرضابية ونضال شيخ المجاهدين في الشرق كنماذج تاريخية للتلاحم الوطني، متسائلاً عن أسباب الانقسام الراهن على ما وصفه بأنه “شيء لا يملكونه”، مؤكداً أن السيادة الحقيقية للشعب.
وختم رئيس المحكمة العليا السابق رؤيته بالإشارة إلى أن فيضان درنة ورالي تي تي بودان يمثلان نموذجين معاصرين لهذا التلاحم الوطني، مشدداً على أن الشعب الليبي بحاجة فقط إلى “قيادة حكيمة ترعى مصالحه وتحمي الوطن من الأعداء.”