وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا، قال إن ليبيا تصدرت قائمة الدول الأفريقية من حيث حجم احتياطيات النقد الأجنبي، متجاوزةً سقف الـ 80 مليار دولار، طبقا لتقرير حديث لبنك تمويل التجارة في أفريقيا (أفريكسيم).
باشاغا أوضح عبر “فيس بوك” أن تصدّر تهذا الرقم لا يُعبّر فقط عن رصيد مالي، بل هو رمز لقوة الدولة وقدرتها على توفير الأمن الاقتصادي، واستقرار العملة، وتلبية احتياجاتها من الواردات في عالم يضجّ بالتقلبات، فالاحتياطي يعكس استقرارًا ماديًا يساعد في صمود البلاد أمام الصدمات الاقتصادية، ولكنه يتطلب إدارة واعية للحفاظ عليه.
فتحي باشاغا يرى أن هذه الطمأنينة التي يحملها الاحتياطي تخفي خلفها تحديات عميقة قد تفتح آفاقًا رحبةً أو تدفع البلاد نحو هاوية اقتصادية، متسائلا: كيف لبلدٍ منهك بفعل الحروب والنزاعات، أن يستغل هذه الثروة بشكل فعّال ومستدام؟، وهل سيقود هذا الاحتياطي ليبيا إلى برّ الأمان، أم سيبقى مجرد رقم جالبا للمخاطر بدل أن يكون منارة تضيء الطريق؟.
السياسي الليبي أوضح أن اعتماد الاقتصاد الليبي شبه المطلق على النفط يجعل هذه الاحتياطيات عرضة للتآكل السريع أمام تقلبات أسعار النفط العالمية، فلا يكفي الاحتفاء بوجود هذه المليارات، بل ينبغي إدراك أن أحادية المصدر تعني هشاشة البنية الاقتصادية وتهديدها بالعجز كلما تراجعت أسعار النفط.
وطالب بضرورة تحويل الثروة النفطية إلى رافعة لاقتصاد متنوع، قوامه الزراعة، الصناعة، الخدمات، والسياحة، ليصبح ملاذاً آمناً يقي البلاد شرّ الأزمات، وهذا ما حققته دول أخرى استطاعت تنويع مصادر دخلها عبر استثمارات استراتيجية، ما جعلها أكثر مرونة أمام الأزمات العالمية.
وأشار باشاغا إلى أن التحدي لا يقتصر على تنويع الاقتصاد، بل يمتد إلى الإدارة الواعية للمال بعيدًا عن نزعات الإسراف والهدر، فالإدارة المالية في ليبيا تعاني من غياب الضوابط، وتقع غالبًا تحت تأثير قرارات شعبوية ومزاجية قد تلتهم الاحتياطي النقدي كشجع النيران على الحطب.
وقال وزير الداخلية السابق: إذا لم يتم ترشيد الإنفاق وتوجيهه نحو مشاريع تنموية وإصلاحات هيكلية، لن يكون بوسع الدولة أن تحصّن احتياطياتها، وتتطلب هذه الإدارة الحكيمة شفافية صارمة ورقابة مؤسسية فاعلة تضمن الاستفادة من كل دينار لتحقيق مصلحة الشعب.
وأضاف أن ليبيا بحاجة إلى حكومة نزيهة، غير ملوّثة بشبهات الفساد، تعمل بروح وطنية وتسعى لمصلحة الشعب لا مصلحة الأفراد، حكومة قادرة على وضع البلاد على مسار الاستقرار، وإطلاق مشروع اقتصادي طموح يعيد توزيع الثروات بشكل عادل.
وأوضح أن بناء ليبيا جديدة يتطلب تغييرًا حقيقيًا في النهج، فالعبرة ليست بكم الأموال الموجودة بل بكيفية استخدامها بحكمة ومسؤولية.
وأشار باشاغا إلى أنه احتياطيات ليبيا النقدية ليست مجرد أموال يمكن استنزافها في اللحظات الصعبة، بل هي نافذة أمل نحو مستقبل أفضل من خلال تبني سياسات اقتصادية مرنة تراعي التحديات والفرص.
واختتم السياسي الليبي بأن البلاد في حاجة إلى إدارة رشيدة وتوجيه استثماري سليم، فهل ستتمكن ليبيا من استغلال احتياطياتها النقدية لبناء اقتصاد قوي ومستقل، أم ستبقى تلك الاحتياطيات رهينة لسياسات عشوائية وقرارات غير محسوبة؟.