أظهرت صور تناقلتها وسائل إعلام تركية وليبية على نطاق واسع الطرابلسي وحفتر وهما يجلسان إلى جانب بعضهما على هامش معرض “ساها إكسبو 2024” الدولي للدفاع في إسطنبول ويتبادلان الحديث، في أجواء تعكس تقاربا بينهما، وصور أخرى وهما يتجولان داخل المعرض ويستمعان لشروحات المسؤولين عن المنتجات الدفاعية التركية.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية أبوبكر طلمون اللقاء مؤشرا على وجود اتصالات في كواليس العلاقة بين قيادة حفتر والحكومة في طرابلس، مؤكدا أن هذا اللقاء لا يمكن أن يكون حدث بالصدفة دون ترتيبات مسبقة.
وقال طلمون إن أهمية اللقاء تأتي لكونه حدث بين شخصيات عسكرية وأمنية، وهذا هو المهم لقراءة الحدث، لافتا إلى أن صدام له وزنه في قرارات معسكر والده وهو من يملك القوة على الأرض، والطرابلسي كذلك له حجمه في حكومة طرابلس فهو يتولى وزارة الداخلية التي كانت طيلة أشهر طويلة ماضية تمثل مركزية في تحركات وقرارات الحكومة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحات نقلتها صحيفة العربي الجديد، أن الطرابلسي وصدام قد يكونان أقرب ممثلين لطرفي الحكومة وحفتر لصياغة مقاربة أمنية لمعالجة الانقسام الحكومي وتقريب تصور دمج الحكومتين للواقع.
وأوضح أن الطرابلسي نجح في انتزاع العاصمة طرابلس من قبضة المليشيات وحدّ من نفوذها عبر برامجه الأمنية، التي توسعت حتى شملت مناطق بعيدة مثل السيطرة على المنفذ الحدودي مع تونس.
وأشار إلى أن الطرابلسي يسعى إلى ربط اتصالات وعلاقات مع الجزائر لتحقيق السيطرة على الحدود المشتركة معها، وقريبا جدا كان له دوره الأساسي في تجنيب العاصمة من حرب واسعة أثناء اندلاع أزمة المصرف المركزي، وكل هذا يجعله شخصية لها ثقلها داخل الحكومة؛ ويمكن أن توازن شخصية صدام في معسكر والده.
ويدلل طلمون على صحة قراءته خلفيات وأسباب اللقاء ذي الصبغة العسكرية الأمنية بأنه جاء في سياق النشاط في الاجتماعات العسكرية والأمنية مؤخراً، خاصة عقد مجموعة العمل الأمنية الدولية المعنية بليبيا لقاءها الأول في ضيافة لجنة 5+5 العسكرية الليبية المشتركة في مقرها بمدينة سرت.
وأعلنت البعثة الأممية الخميس الماضي عن عقد مجموعة العمل الأمنية الدولية مع لجنة 5+5 العسكرية الليبية اجتماعا بمدينة سرت، وسط شمال البلاد، لمتابعة أعمال الأخيرة ومناقشة كيفية تقديم الدعم لها لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وفيما لم تعلن البعثة الأممية عن نتائج الاجتماع، فإنها نشرت تصريحات للقائمة بأعمال البعثة ستيفاني خوري، شددت خلالها على الحاجة الملحة لإنهاء الانسداد السياسي بهدف توحيد مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها المؤسستان العسكرية والأمنية، وتمكين اللجنة العسكرية المشتركة من التنفيذ الكامل لكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
ويعتبر طمون ربط خوري بين اجتماع سرت الأمني العسكري وضرورة إحياء العملية السياسية دليلاً على وجود اتجاه دولي وإقليمي “لبناء خطة لإطلاق مسار سياسي من واقع تقارب أمني وعسكري بين طرابلس وبنغازي”.
ولم تعلن الجهتان أي موقف رسمي حيال هذا اللقاء، إذ اكتفت قوات حفتر بإعلان زيارة صدام إلى إسطنبول بدعوة تركية، وكذلك وزارة الدبيبة التي نشرت صور الطرابلسي مع وزير الدفاع التركي يشار غولر، دون أن تنشر كلا الجهتين أي صور تجمع صدام والطرابلسي.
ويعد هذا اللقاء الأول من نوعه بين مسؤولين في حكومة الدبيبة وقوات حفتر، منذ توتر العلاقة بينهما إثر منع حفتر لعبد الحميد الدبيبة من زيارة بنغازي في مايو 2021، قبل أن تتحوّل العلاقة إلى خصومة ومقاطعة خلال السنوات التالية.