أكد الناشط والمتابع للشأن الاقتصادي الليبي، سالم الشوماك، أن واشنطن كانت حاضرة ومتابعة من كثب لأزمة المصرف المركزي منذ اندلاعها إثر قرار المجلس الرئاسي بتكليف إدارة جديدة.
وأوضح أن ذلك جاء خلال اجتماع المبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند مع المحافظ السابق الصديق الكبير، ثم بياناته المستنكرة للتهديدات التي يتعرض لها موظفو المصرف، وكذلك بيانات وزارة الخارجية الأميركية المحذرة من خطورة خروج المصرف المركزي عن المنظومة المصرفية الدولية.
شوماك عبر في حديث لـ”العربي الجديد” الممول من قطر، عن اعتقاده بأن أزمة المصرف كانت تدار من الخارج منذ البداية عبر أذرع داخلية في مقدمتها المجلس الرئاسي الذي لم يكن يتحرك بمثل القوة التي تحرك بها في أزمة المصرف، والهدف كان الوصول بالمصرف إلى إدارة جديدة يمكن من خلالها لواشنطن مراقبة حركة المال ومصارفه مراقبة وثيقة.
شوماك كشف عن أن مثل هذه السياسات نفذتها واشنطن في أقطار أخرى تعيش توترات وفوضى أدت إلى تأثيرات على وضع العملة الأميركية، وفي ليبيا الوضع وثيق الصلة بالوجود الروسي الذي لا يقف عند عتبة تعزيز الوجود العسكري، بل الاستفادة من الشغور الكبير في تفاصيل الاقتصاد الليبي، النفط وسواه.
وأشار إلى إصدار واشنطن عقوبات على شركة روسية لطباعة العملة، واتهامها بطباعة العملة الليبية خارج قوانين المصرف المركزي الليبي.
شوماك يرى أن هذه العقوبات تحمل رسالة صريحة بأن موسكو تزور العملة الليبية، هذا ما ظهر، لكن هناك أمور تجري في كواليس التنافس الأميركي الروسي في ليبيا، وأزمة المصرف المركزي تعكس أن التنافس بين الدولتين اشتد بسعي واشنطن بتوجيه مجريات أزمة المصرف لمصالحها لمنع موسكو من الاستفادة من فوضى الاقتصاد الليبي.
وفيما يؤكد شوماك أن نهج الترتيبات المالية الموحدة ستنفذه الحكومتان بضغوط أميركية، فالانقسام الحكومي والسياسي في ليبيا لا يعني واشنطن، كما أن الحكومتين لا تهتم بهذا الانقسام إذا ضمن لكل منهما الحصول على الأموال اللازمة لمصالحهما الخاصة، وباعتقادي أن الترتيبات المالية وإدارة المصرف ستكون بوابة رئيسية لواشنطن لمراقبة تدفق النفط أيضاً لمنع موسكو من الاستفادة منها”.
واستدرك: “السؤال الذي لا جواب عليه حتى في المستقبل المنظور، هو ماذا سيستفيد المواطن الليبي؟ وكيف ستكون معيشته؟ الأفق ملبد بغيوم الصراع الحاد بحيث لا يمكن رسم رؤية واضحة”.
وانتهى عدد من ممثلي السلطات الليبية المختلفة من اجتماع لهم بالعاصمة التونسية، الخميس الماضي، للتشاور حول كيفية وضع تصور لخطة “ترتيبات مالية” لتنفيذ موازنة موحدة في البلاد، لدعم تثبيت اتفاق تسوية أزمة المصرف المركزي التي عصفت بالبلاد طيلة أزيد من شهر في الفترة الماضية.
ووفقاً لمعلومات أدلت بها مصادر ليبية مطلعة لـ”العربي الجديد” شارك في الاجتماع ممثلون عن الحكومتين، في طرابلس وبنغازي، وعن المصرف المركزي، ومسؤولون أميركيون، تمهيداً لاجتماع آخر أوسع تشارك فيه مجموعة العمل الاقتصادية الدولية المنبثقة عن اتفاق برلين.