تقرير لموقع “إندبندنت عربية” سلط الضوء على تحركت بوصلة الاتحاد الأفريقي نحو العاصمة الليبية طرابلس الخميس الماضي في محاولة لحلحلة الجمود السياسي الذي ضرب البلد.
التقرير أكد أن ليبيا تعاني منذ أن شن خليفة حفتر هجومه على العاصمة السياسية طرابلس عام 2019، والتي أجهضت جهود المبعوث الأممي السابق غسان سلامة في عقد المؤتمر الجامع الذي كانت ستحتضنه آنذاك غدامس الليبية، ليحكم بعدها الجمود قبضته على العملية السياسية التي حالت أطراف الصراع الليبي دون دخولها رحاب العملية الديمقراطية، عبر الذهاب نحو انتخابات وطنية تنهي الفوضى الحالية.
التقرير أشار إلى أن أزمة المركزي بينت خطورة الاستقرار الهش الذي تعيشه ليبيا، مما دفع الاتحاد الأفريقي إلى تحريك أدواته تجاه هذا البلد، إذ اجتمع الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي رئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني بعدد من المسؤولين الليبيين بغية الوصول إلى اتفاق سياسي شامل يحقق الاستقرار والأمن في ليبيا في إطار تعزيز دور الاتحاد الأفريقي في محيطه الأفريقي.
التحرك استبشر به البعض خيراً، بخاصة في ظل إقرار المبعوثة الأممية بالنيابة إلى ليبيا ستيفاني خوري، في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، بـ”فشل البعثة الأممية للدعم في ليبيا في معالجة الأزمة الليبية”، في حين وصفه آخرون بـ”التحرك المبتور”.
المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة “نالوت” إلياس الباروني، قال إن تحرك الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي نحو ليبيا في هذا التوقيت بالذات هو تحرك مدروس وقصدي وليس اعتباطياً، إذ جاء مباشرة بعد إحاطة المبعوثة الأممية بالنيابة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن، والتي أكدت فيها أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان على إدارة الأزمة الليبية فقط.
وأكد أن أمام الاتحاد الأفريقي فرصة لتحريك العملية السياسية بشرط عدم تكرار الأخطاء نفسها التي وقعت في فخها المبادرات الأممية السابقة على غرار مبادرة المبعوث الأممي السابق عبدالله باثيلي.
أضاف الباروني أن الاتحاد الأفريقي يحاول أن تكون له عين أخرى مخالفة للمشاريع التي سبق وقدمت من قبل البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
وقال إن زيارة رئيس الاتحاد الأفريقي “تأتي كمحاولة لطرق باب حل الأزمة الليبية، بخاصة أن موريتانيا كانت بمنأى عن الصراع الليبي، وليست طرفاً فيه”، موضحاً أن هذا التحرك الأفريقي نحو ليبيا محاولة لجس النبض حول رؤية مشتركة لحل الأزمة الليبية.
وأوصي المتخصص في مجال العلوم السياسية الاتحاد الأفريقي بتقديم آليات واضحة المعالم في ما يتعلق بإنهاء هذه المرحلة “عبر تقديم مقترح جديد لحل الأزمة الليبية لأن تكرار السيناريوهات نفسها يربك العملية السياسية ويمددها لفترة أطول”.
ولفت إلى أنه بالإمكان الاستفادة من المخرجات السابقة والتركيز على كيفية التعاطي معها حتى لا يجد الاتحاد الأفريقي نفسه في فخ إدارة الأزمة الليبية وليس معالجتها.
ودعا رئاسة الاتحاد الأفريقي “إلى العمل على تقديم مقترح يبعد جميع الأجسام السياسية الموجودة حالياً، مقابل السعي لتشكيل جسم جديد تناط به مهام وضع قاعدة دستورية يتم عبرها تنفيذ الاستحقاق الانتخابي بعيداً من الأجسام الحالية التي تعرقل العملية الانتخابية” في إشارة إلى مجلس النواب ومجلس الدولة.
ووصف الباروني مسألة المصالحة الوطنية بـ”الملف الشائك والمعقد” الذي ينظر إليه المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي “نظرة غير صحيحة لأنه سيعالج من دون المرور بقاطرة العدالة الانتقالية، مما سيفشل هذا الملف، لأن معظم الأطراف في الداخل والخارج ينظرون لهذا الملف بمنأى من العدالة الانتقالية”.
وشدد الباروني على أنه لا يمكن تحقيق المصالحة الوطنية إلا بجبر الضرر وتحقيق العدالة الانتقالية، “بالتالي يجب أن تكون المعالجة متزامنة، عدالة انتقالية ومصالحة وطنية، حتى يكتب لها النجاح، لأن جميع الأطراف الليبية والدولية تسعى إلى معالجته من دون الرجوع إلى العدالة الانتقالية”.