في تحليل عميق للوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا، كشف الباحث الألماني المتخصص في الشأن الليبي، فولفرام لاتشر، عن تفاصيل مثيرة حول تعيين ناجي عيسى في منصب محافظ المصرف المركزي الليبي.
وفقًا لمقال نشرته شبكة لوموند ديبلوماتيك، فإن هذه الخطوة تمثل تحولًا خطيرًا في المشهد السياسي والاقتصادي الليبي.
وأوضح لاتشر أن صفقة تعيين عيسى حظيت بدعم من أبناء خليفة حفتر وقادة الميليشيات الرئيسيين في طرابلس، مما يشير إلى توافق غير مسبوق بين القوى المتنافسة في البلاد.
ويرى الباحث أن هذا التعيين يمثل استكمالًا لعملية اختراق مؤسسات الدولة من قبل الشبكات الإجرامية والجهات الفاعلة العنيفة.
وأشار التقرير إلى أن استبدال الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف المركزي، يعني أن تقسيم مؤسسات الدولة بين النخب الفاسدة المتنافسة قد امتد الآن إلى المؤسسة المالية الأهم في البلاد.
وقد لعب كل من عبد الغني الككلي (غنيوة) وعبدالرؤوف (كارة)، وهما من أقوى حلفاء رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة في العاصمة، دورًا حاسمًا في فرض هذا الواقع الجديد.
ويحذر لاتشر من أن أي محافظ جديد للمصرف المركزي، في ظل هذه الظروف، لن يتمتع بنفس القدر من الاستقلالية والثقة التي تمتع بها الكبير خلال فترة ولايته التي استمرت 13 عامًا.
ويشير إلى أن الأطراف المتنازعة في ليبيا قد اكتسبت، على مر السنين، خبرة في استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب سياسية ومالية بدلًا من السعي لحلها.
وينتقد الباحث الألماني موقف الدول الأوروبية والغربية، مشيرًا إلى أنها دعمت مثل هذه الترتيبات طالما وعدت بتحقيق استقرار قصير المدى.
ويرى أن هذه الدول قد تصالحت مع عائلة حفتر في الشرق وقادة الميليشيات في الغرب لتحقيق مصالحها الخاصة، وعلى رأسها منع تدفق المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق الإنسان.
وخلص التقرير إلى أن التأثير الأوروبي على مسار أزمة المصرف المركزي كان محدودًا، حتى أن كبار الممثلين الأتراك فشلوا في التوسط بين الدبيبة والكبير.
ويحذر لاتشر من أن الترتيبات قصيرة المدى بين أمراء الحرب والحكام الفاسدين قد تصبح دائمة، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى تغيير في موازين القوى على المدى المتوسط، مما يترك الباب مفتوحًا أمام المزيد من عدم الاستقرار في المستقبل.