نشرت صحيفة إندبندنت عربية تقريرا حول الاتفاق على حل أزمة مصرف ليبيا المركزي وتعيين ناجي عيسى محافظا للمصرف ومرعي البرعصي نائبا له، والملفات والتحديات المهمة التي لابد أن يتعامل معها المحافظ الجديد وإدارته، مثل إصلاح السياسات المالية وضبط الإنفاق الحكومي ومواجهة عجز ميزان المدفوعات.
وقالت الصحيفة إن المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يواجه مجموعة من الملفات الشائكة التي تتطلب معالجة عاجلة واستراتيجية واضحة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، وذلك في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة.
وأضافت أن البعثة الأممية في ليبيا اعتبرت أن ما تم إحرازه من تقدم في حل أزمة مصرف ليبيا المركزي، يحيي الأمل في تحقيق تقدم مستقبلي في شأن عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة، توصل البلاد إلى الانتخابات العامة، مؤكدة التزامها بدعم مسيرة ليبيا نحو السلام المستدام والاستقرار.
وأوضحت إندبندنت عربية أن من أبرز المشكلات التي ستواجه محافظ مصرف ليبيا المركزي وفريقه، إصلاح السياسات المالية والنقدية في ليبيا عبر ضبط الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات غير النفطية.
وأشارت إلى أنه رغم توحيد المصرف المركزي شكليا في وقت سابق، فإن مشكلة دمج نظام المدفوعات والعمليات المحاسبية بين شرق البلاد وغربها في ظل وجود حكومتين والتدفقات المالية من الشرق ما زالت عالقة، خاصة مع الجدل الكبير الذي أثارته العملة من فئة الـ50 ديناراً المشكوك في سلامتها، ومحاولات السلطات سحبها من الأسواق ومن التداول.
وترى الصحيفة أيضا أن المصرف المركزي مطالب بتخفيف الضغط على طلب النقد الأجنبي، حيث أعلن في أوائل عام 2024 عن فرض ضريبة بنسبة 27% على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بصفة موقتة، وهذه الخطوة أثارت كثيرا من الصراعات بعد رفضها من حكومة الدبيبة وأدخلت أروقة المحاكم والقضاء في دوائر، لكن يبدو أنها ماضية إلى نهاية العام على أقل تقدير.
ويشير المحلل الاقتصادي محمد الشيباني في تصريحات نقلتها الصحيفة إلى أن التحدي الرئيسي أمام المحافظ الجديد يتمثل في الإنفاق العام المرتفع بين الحكومتين المتنافستين من دون رقابة، وهو ما يولد ضغطا كبيرا على الموارد المالية للدولة، ويفاقم من العجز في الموازنة.
ويمثل الارتفاع المستمر في الإنفاق العام حجر عثرة أمام الإصلاحات التي يعتزم المركزي القيام بها، حيث قفز خلال السنوات العشر الماضية من نحو 40 مليار دينار (8.43 مليار دولار) إلى ما يقرب من 120 مليارا (25.30 مليار دولار)، غير أن المفارقة الجلية هي المتعلقة باختلاف وضع الموازنة العامة وميزان المدفوعات، حيث سجلت الموازنة العامة فائضا بلغ 1.7 مليار دينار ليبي، فيما وقع عجز في ميزان المدفوعات بقيمة 8.9 مليار دولار أمريكي.
ويقول المحلل الاقتصادي طارق الصرماني، إن معالجة العجز في ميزان المدفوعات تبدأ بتحليل الفجوة بين بيانات المصرف المركزي والنشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن الجهات التنفيذية، وهو ما يحتاج إلى توحيد منهجيات جمع البيانات، مطالباً بضرورة التنسيق بين السياسات، وإنشاء لجنة مشتركة بين البنك المركزي والمالية لتحسين التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وقالت الصحيفة إن أزمة السيولة لدى البنوك واضطراب سعر الصرف أمام العملات الأجنبية من أكثر المشكلات التي ستواجه المحافظ الجديد في عمله، ويمثل استقرار سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية واحداً من أكبر التحديات التي على المحافظ الجديد تجاوزها في ظل الظروف المالية الراهنة في البلاد.
ويرى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن تقلبات السوق الموازية وارتفاع سعر الدولار يشكلان ضغطا كبيرا على الاقتصاد المحلي، مما يؤدي إلى زيادة كلفة السلع وارتفاع معدلات التضخم، ويتطلب الوضع سياسة نقدية حازمة للسيطرة على سعر الصرف ودعم الدينار.
في المقابل، يرى مراقبون أن النجاح في حل أزمة المركزي جاء تحت ضغط دولي، ومن دول بعينها لحاجتها إلى النفط الليبي، ويؤكدون أن بعثة الأمم المتحدة نجحت في وقت وجيز في حل أزمة “المركزي” بينما فشلت على مدى أكثر من عقد من الزمن في حل الخلافات السياسية بين الفرقاء الليبيين، الذين صاروا متمسكين أكثر من أي وقت مضى بمناصبهم، وإدراكهم أن الذهاب إلى أية مصالحة أو اتفاقات على توحيد المؤسسات سيؤدي لفقدانهم مناصبهم ومكاسبهم الحالية.