ألقت صحيفة إندبندنت عربية الضوء في تقرير لها على النشاط الدبلوماسي الأمريكي في ليبيا، في محاولة لاقتلاع الجذور الروسية من الأراضي الليبية التي تحولت قواعد عدة منها بالشرق والجنوب إلى نقاط لتمركز بقايا فاغنر والفيلق الروسي الأفريقي الذي يستغل ليبيا كبوابة للتغلغل في النيجر والسودان وتشاد.
وأضافت الصحيفة أن تحركات الروس أقلقت الولايات المتحدة التي باتت تخشى ضياع مزيد من نفوذها في القارة السمراء، خاصة بعد فقدانها قاعدة “أغاديز” وسط النيجر والمتخصصة في الطيران المسير الأمريكي، مما دفعها إلى تكثيف وجودها في ليبيا.
وأشارت إلى أن في إطار تعزيز الوجود الأمريكي في ليبيا لاحتواء النفوذ الروسي المتزايد في أفريقيا، طالبت إدارة الرئيس جو بايدن الكونجرس بتخصيص 57,2 مليون دولار من موازنة 2025 لاستئناف وجودها الدبلوماسي في ليبيا.
ولفتت “إندبندنت عربية” إلى عقد مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية الدولية، سيليست والاندر، سلسة لقاءات في كل من طرابلس وبنغازي لبحث جملة ملفات على رأسها تواصل إغلاقات الحقول النفطية، وتعزيز قدرات ليبيا لمراقبة الحدود، إضافة إلى مناقشة القضايا المتعلقة بالأمن والاستقرار في شمال أفريقيا، ومكافحة الإرهاب.
ونقل قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) الفريق أول مايكل لانجلي مخاوف واشنطن من التهديدات المحيطة بليبيا على خلفية تردي الأوضاع الأمنية في دول الساحل الأفريقي، مؤكداً ضرورة تأمين وحماية الجنوب الليبي، وذلك خلال لقائه مع كل من الدبيبة وحفتر أواخر أغسطس الماضي.
وقالت الصحيفة إن المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا ريتشارد نورلاند أكد أن بلاده تتبنى اتجاها جديدا يركز على جنوب ليبيا، وهو التوجه الذي فسره محللون عسكريون بأنه يأتي في إطار تقليم أظافر النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا انطلاقا من الأراضي الليبية.
وذكر المتخصص في الشأن العسكري عادل عبدالكافي، أن الولايات المتحدة تبحث عن كرامتها في الصحراء الليبية بعدما فقدتها في كل مالي والنيجر وبوركينافاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى بعد طرد قواتها من النيجر من إحدى أهم قواعدها العسكرية الجوية في منطقة أغاديز، مؤكداً أنه تم طرد ما يقارب عن 1100 ضابط وجندي تابعين للقيادة العسكرية (أفريكوم) من هذه القاعدة.
وأكد عبدالكافي أن الهدف الرئيس للتركيز الأمريكي على الجنوب الليبي هو تأمين منابع النفط الليبي حتى تضمن الولايات المتحدة استمرار تدفق الطاقة إلى أوروبا، وقطع قدرة مرتزقة الفيلق الروسي الأفريقي الذين يتمركزون في المنطقة الجنوبية ولديهم أسلحة حديثة على الهيمنة على هذه المواقع الحساسة.
إضافة إلى القضاء على شريان الهجرة غير النظامية وقنوات تجارة المخدرات والجريمة المنظمة باعتبارها مصادر تمويل لمرتزقة الفيلق الروسي الأفريقي والمرتزقة الأفارقة، سواء كانوا مجموعة “الجنجويد” التي ما زالت تتخذ من الأراضي الليبية خط إمداد لها بالأسلحة والوقود، أو مرتزقة تشاد المتمركزين في بعض المواقع الليبية الأخرى، وفق المتحدث.
وأكد المتخصص في الشأن العسكري إن الدبلوماسية الأمريكية تحاول تقليم أظافر النفوذ الروسي عبر القوى المحلية، وذلك جلي من خلال جمعها الأطراف العسكرية عن المنطقة الغربية في شخص محمد الحداد كرئيس أركان لحكومة الدبيبة وعبدالرزاق الناظوري للمنطقة الشرقية، إضافة إلى عناصر عن مجموعة (5+5) في محطات عدة إقليمية حتى تتمكن أميركا من إنشاء قوة عسكرية ليبية موحدة لتعزيز أمن المنطقة الجنوبية.
وبحسب عبدالكافي فإن الهدف الأهم هو قطع الطريق أمام وصول روسيا لمصادر الطاقة في ليبيا وتعطيل نقل الأسلحة من ليبيا إلى النيجر والتشاد والسودان، خاصة أن ليبيا قريبة من مواقع القواعد العسكرية الأوروبية، في المقابل روسيا لا تريد فقدان موقعها في شمال أفريقيا بعدما استخدمت معسكر الرجمة الليبي كجسر عبور للأراضي الأفريقية.