في مثل هذا اليوم قبل 15 عاماً، شهدت قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة حدثاً غير مسبوق في تاريخها، عندما قام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بتمزيق نسخة من ميثاق الأمم المتحدة خلال خطابه الذي استمر لما يقرب من ساعتين.
أكثر اللحظات التاريخية لقائد عربي
هذا الحدث، الذي أثار ضجة عالمية وقتها، لا يزال يُذكر كواحد من أكثر اللحظات التاريخية لقائد عربي مزق ميثاق الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة الدولية.
في 23 سبتمبر 2009، وقف القذافي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مرتدياً عباءته التقليدية وبروشاً على شكل خريطة أفريقيا، ليلقي خطاباً طويلاً امتد لـ 96 دقيقة، وقدم نفسه بلقب “ملك ملوك أفريقيا”.
انتقاد لاذع لمجلس الأمن الدولي
بدأ القذافي خطابه بانتقاد لاذع لمجلس الأمن الدولي، واصفاً إياه بـ “مجلس الرعب”.
ووجه اتهامات قوية للدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، متهماً إياها بالهيمنة على القرارات الدولية واستغلال المنظمة لخدمة مصالحها.
قال القذافي إن الأمم المتحدة فشلت في منع 65 حرباً منذ إنشائها، مؤكداً أن إصلاحها لا يكون بتوسيع مجلس الأمن، بل بإلغاء العضويات الفردية وفتح المجال أمام الاتحادات القارية.
في لحظة دراماتيكية، قام القذافي بتمزيق نسخة من ميثاق الأمم المتحدة أمام الحضور، معلناً أن ليبيا لن تعترف بعد اليوم بقرارات مجلس الأمن إذا استمرت تركيبته الحالية.
هذا الفعل، الذي صدم الحاضرين، كان تعبيراً رمزياً عن رفضه لما اعتبره ظلماً وعدم مساواة في النظام الدولي.
تطرق القذافي في خطابه إلى قضايا متنوعة، من الاستعمار إلى نظريات المؤامرة.
تطوير إنفلونزا الخنازير
اتهم الولايات المتحدة بتطوير إنفلونزا الخنازير، ودعا إلى إعادة فتح التحقيق في اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي.
كما طالب بتعويضات ضخمة لأفريقيا عن حقبة الاستعمار، مقترحاً مبلغاً خيالياً قدره 777 تريليون دولار.
رغم الانتقادات الحادة، أشاد القذافي بخطاب الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، واصفاً إياه بأنه غير مسبوق من قبل أي رئيس أمريكي عاصره. لكنه حذر من أن أوباما قد يكون مجرد “ومضة في الظلام” تستمر لأربع سنوات فقط.
بعد مرور 15 عاماً، لا يزال خطاب القذافي وتمزيقه لميثاق الأمم المتحدة يُذكر كلحظة فارقة في تاريخ المنظمة الدولية ويؤكد الحاضرون وقتها أن القذافي كان يحاول لفت الانتباه إلى قضايا حقيقية تتعلق بعدم المساواة في النظام الدولي وهيمنة القوى الكبرى على القرارات العالمية.
رمزاً لتحديات الدول النامية في مواجهة النظام العالمي
في النهاية، يبقى خطاب الرئيس القائد الشهيد القذافي رمزاً لتحديات الدول النامية في مواجهة النظام العالمي القائم. رغم مرور الوقت، لا تزال العديد من القضايا التي أثارها القذافي في خطابه محل نقاش وجدل في الساحة الدولية، مما يجعل من ذكرى هذا الخطاب فرصة للتأمل في طبيعة العلاقات الدولية وآليات صنع القرار العالمي.
كما دعا القذافي في خطابه الشهيد بفتح تحقيقات في قضايا كثيرة، بينها حروب شنتها الولايات المتحدة كغزو غرينادا وبنما وحربي العراق وأفغانستان، وإعدامات لم يعرف من نفذها، كإعدام صدام حسين وهو أسير حرب و”رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة”، وأيضا التحقيق في ما جرى من تعذيب في سجن “أبو غريب”.
وبعد 15 عامًا على خطاب القائد الشهيد تشهد ليبيا منذ أحداث 17 فبراير عام 2011 حالة من التناحر السياسي والتكالب على ثروات ليبيا دون النظر إلى أحوال الليبيين الذين يعانون الويلات، حتى أصبحت البلاد مطمعا لكل الدول المجاورة.