سلط تقرير صادر عن المعهد الملكي البريطاني لأبحاث ودراسات الدفاع الضوء على الوضع المتدهور في ليبيا، مؤكداً على ضرورة فرض عقوبات دولية لمواجهة الفساد المستشري في البلاد.

وضرب مقال المعهد البريطاني للباحث جون هاملتون، مثالا بمحاكمة الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما، وتوجيه اتهامات له بالاستيلاء على الدولة، وتساءل عما إذا كان النظام القضائي يتمتع في ليبيا بالقدرة أو الشجاعة أو القوة اللازمة لتنفيذ عملية مماثلة؟.

الكاتب خلال التقرير يشير إلى أن الأزمة الحالية في إدارة مصرف ليبيا المركزي تعد مثالاً صارخاً على تفشي الفساد وسوء إدارة الموارد الوطنية.

هاملتون قال إن هناك الكثير مما يمكن للجهات الفاعلة المسؤولة في المجتمع الدولي أن تفعله لدعم هذه الخطوة الضرورية، والأمر الأكثر أهمية هو أن الوقت قد حان لفرض عقوبات على أولئك الذين يسيئون استخدام المصالح السيادية لليبيا.

وفي حين تكافح ليبيا ضد أزمات متجذرة تتعلق بالاستيلاء على الدولة والفساد، يؤكد الباحث أنه على المجتمع الدولي أن يتخذ عددا من الإجراءات ضد أولئك الذين ينهبون أموال الدولة وثرواتها .

ويرى التقرير أن إعادة الصديق الكبير، المحافظ المقال لمصرف ليبيا المركزي، إلى منصبه لن يكون حلاً جذرياً للمشاكل التي تعاني منها البلاد.

فعلى الرغم من دوره في التخفيف من بعض التجاوزات، إلا أنه كان أيضاً جزءاً من النظام الذي سهل هذه الممارسات.

هاملتون أضاف أن  الكبير هو المسؤول الأطول خدمة في ليبيا، وهو محور النظام السائد في ليبيا منذ أحداث 2011، ونجح ببعض الأحيان في التخفيف من حدة أسوأ تجاوزات النخبة الحاكمة. لكنه كان أيضاً الميسر والضامن الرئيسي لهذه التجاوزات

وتتطرق التقرير إلى الانتهاكات التي ارتكبتها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتي تشكلت في عام 2021 بعد عملية تصويت شابتها مزاعم الرشوة.

ومن أبرز هذه الانتهاكات سوء استغلال ميزانية ضخمة مخصصة لزيادة إنتاج النفط، حيث لم يتحقق الهدف المنشود رغم الإنفاق الهائل.

الباحث أشار إلى أن المثال الأبرز على فساد حكومة الدبيبة هو إساءة استغلالها ميزانية تبلغ 11 مليار دولار من ميزانية الطوارئ، ممنوحة من المؤسسة الوطنية للنفط، بهدف معلن يتمثل في زيادة الإنتاج النفطي من 1.2 مليون برميل يوميا إلى مليوني برميل يوميا بحلول العام 2025.

وباحتساب السعر الحالي لبرميل النفط عند 80 دولارا للبرميل، يمكن إضافة نحو 16 مليار دولار سنويا إلى الدخل القومي طالما كان ذلك ممكنا، حسب المقال. وخلال العام 2023، بلغت إيرادات ليبيا النفطية 33.6 مليار دولار، وكان من الممكن تحقيق 50 مليار دولار سنويا.

كما يسلط التقرير الضوء على قضايا الفساد في القطاع النفطي، بما في ذلك تصدير شحنات نفطية من قبل شركة خاصة دون توضيح كاف من المؤسسة الوطنية للنفط. بالإضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى مزاعم تورط المؤسسة في صفقات غير قانونية لبيع النفط مقابل شراء طائرات مسيرة عسكرية لحفتر، مما يشكل انتهاكاً للعقوبات الدولية.

ويختتم التقرير بالتأكيد على أن هذه الممارسات الفاسدة لا تقتصر على سرقة الأموال والموارد فحسب، بل تمتد إلى سرقة مستقبل البلاد بأكمله.

التقرير يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة، بما في ذلك فرض عقوبات على المسؤولين عن هذه الانتهاكات، من أجل حماية المصالح السيادية لليبيا وضمان مستقبل أفضل لشعبها.

 

Shares: