يشهد المشهد السياسي والاقتصادي الليبي توترات متصاعدة في أعقاب إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.

وقد أثارت تصريحات الكبير الأخيرة جدلاً واسعاً حول مستقبل الاقتصاد الليبي ودور المؤسسات المالية في البلاد.

موقع “العربي الجديد” الممول من قطر، سلط الضوء على  تصريحات  المحافظ المُقال، والتي لاقت ردود فعل وتساؤلات عدّة، خاصة في ما يتعلّق بالاتهامات المباشرة التي وجهها لما أسماه بـ”تكتل الدبيبة_المنفي” للإطاحة به؛ وسط أسئلة عن تأثير هذه التصريحات على خطوات حل أزمة المركزي الليبي.

في ظهوره التلفزيوني الأول بعد إقالته، أكد الكبير عزمه على العودة إلى ليبيا لممارسة مهامه كمحافظ للمصرف المركزي، محذراً من سيناريو “النفط مقابل الغذاء” إذا لم يتم التراجع عن قرار إقالته.

ووجه الصديق الكبير، اتهامات عدة، لرئيس الحكومة الليبية، عبدالحميد الدبيبة، وعائلته، الممثلة في مستشاره، إبراهيم الدبيبة، والمعروف بنفوذه على الحكومة ورئيسها بأنهم قاموا بـ”تهديده بالمليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، ما اضطره إلى الفرار من البلاد، حفاظا على حياته”، وفقا لتعبيره.

كذلك، وجّه الكبير، اتهامات عدة، لرئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي اتهمه بالانقلاب عليه لسببين: الأول هو إقرار الميزانية الموحّدة التي اعتمدها مجلس النواب، والثاني هو عودة “خالد المشري” لرئاسة المجلس الأعلى للدولة، ما قد ينهي حكومة الدبيبة.

أما بخصوص علاقته بحفتر وحكومة حماد في الشرق الليبي، فقال الكبير: الادعاء بأننا صرفنا “مليارات” للمنطقة الشرقية والحكومة هناك، هي إشاعات وافتراءات روّج لها “الدبيبة” وحكومته، التي ساءت علاقتنا معها منذ مطالبتنا بتوحيد الميزانية.

وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والاقتصادية الليبية. فمن جهة، يرى بعض المراقبين أن تصريحات الكبير تؤكد حجم الفساد والاستقواء بالمليشيات في الحكومة الحالية. بينما يعتبرها آخرون محاولة من المحافظ المقال لاستعطاف الشارع والقضاء.

وفي هذا السياق، يرى الناشط السياسي وسام عبد الكبير أن سياسات الصديق الكبير كانت سبباً رئيسياً في الأزمة الحالية، مشيراً إلى تعنته ضد أي تصالح مع الحكومة والمجلس الرئاسي. كما اتهمه بتقديم نشرات دورية غير دقيقة للمصرف المركزي والمساهمة في توسع الإنفاق العام.

وأوضح عبد الكبير، عبر تصريحات لـ”عربي21″ أن “الكبير كان يقدم نشرات دورية للمصرف المركزي غير دقيقة، وهو من ساهم في توسع الإنفاق العام وحول المصرف المركزي لطرف سياسي، وهذا الأمر ستكون له نتائج كارثية على ليبيا”، وفق وصفه.

وأضاف: “كل ما يحدث الآن من إغلاق للنفط ورفض البنوك الدولية التعامل مع المصرف المركزي، سببه سياسات الصديق الكبير، الذي أصبح يرى نفسه في السنوات الأخيرة أنه الحاكم الفعلي لليبيا، وهذا ما جعله يصف إقالته بعملية “انقلاب” وكأنه رئيس دولة”.

من جانب آخر، يعتبر الأكاديمي والباحث الليبي عماد الهصك أن إقالة الكبير غير قانونية وجاءت بقرار سياسي متسرع. ويشير إلى دور المليشيات المسلحة المرتبطة بعائلة الدبيبة في الضغط على الكبير وإجباره على مغادرة البلاد.

وأضاف الهصك، عبر حديثه لـ”عربي21″: “الكبير نفسه تفاجأ بالخطوة، والغرض من عدم الإعلان عنه أو التمهيد له جاء لاستغلال عنصر المفاجأة خوفا من ترتيب الأوراق، والتنسيق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، ومؤكدا أن القرار اتخذ من قبل المحيطين بالدبيبة وعلى رأسهم إبراهيم الدبيبة، الذي كلف السفير زياد دغيم، بملف المصرف المركزي ما جعل الأمر أكثر تعقيدًا”، وفق قوله.

وتابع: “لقد وظف إبراهيم الدبيبة لتحقيق هذا الهدف، علاقته المشبوهة مع المليشيات المسلحة، التي أصبحت عامل تهديد إضافي، الأمر الذي اضطر الكبير إلى النجاة بنفسه وعدم البقاء في إدارة المصرف المركزي، وممارسة عمله”.

وفي السياق نفسه، أردف: “الإطاحة بالكبير جاءت بالتنسيق بين حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي وقد كان هذا الأخير أداة في يد الحكومة، لتحقيق هذا الهدف من خلال الاستقواء بالمليشيات المسيطرة على طرابلس، وقد كان ذلك بسبب الخصومة بين الكبير والدبيبة، لتوسع حكومته في الإنفاق الذي يشوبه الفساد”، بحسب تصريحه.

Shares: