في ظل تصاعد الأزمة السياسية والاقتصادية في ليبيا، حذر المحلل الاقتصادي حسين البوعيشي من تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد نتيجة الصراع المحتدم على السلطة والموارد المالية.

البوعيشي أشار في تصريحات خاصة لموقع “العربي الجديد” الممول من قطر، إلى أن إقرار موازنة ضخمة لمجلس النواب قد زاد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية، مسلطاً الضوء على العقبات الرئيسية التي تواجه الاستقرار المالي في ليبيا.

البوعيشي أكد أن تجزئة المصرف المركزي تعد إحدى أبرز العقبات التي تعترض طريق تحقيق الاستقرار المالي في البلاد. فالانقسام السياسي والجغرافي بين طرابلس وبنغازي لا يقتصر تأثيره على الجانب السياسي فحسب، بل يمتد ليعمق الأزمة الاقتصادية ويوسع الفجوة بين شرق البلاد وغربها.

ورغم الجهود التي بذلت لتوحيد إدارة المصرف المركزي في عام 2023، إلا أن النزاع السياسي المستمر لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على العمليات المالية في البلاد.

وقد عادت الأزمة للظهور مجدداً مع ما وصفه البوعيشي بـ”انقلاب” المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة على إدارة المصرف، مما يشير إلى استمرار الصراع على السيطرة على الموارد المالية للدولة.

وللتدليل على عمق الخلافات والتلاعبات داخل النظام المصرفي الليبي، استحضر البوعيشي حادثة تعود إلى عام 2014، حين قام الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي آنذاك، بإلغاء تحويل مالي بقيمة 80 مليون دينار لحساب مجلس النواب. هذه الحادثة، وفقاً للمحلل الاقتصادي، تعكس مدى تعقيد العلاقات بين المؤسسات المالية والسياسية في ليبيا، وكيف يمكن للخلافات السياسية أن تؤثر بشكل مباشر على القرارات المالية الحاسمة.

وأوضح البوعيشي أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الليبي. فمع استمرار الانقسام السياسي والمؤسسي، تزداد صعوبة تنفيذ سياسات مالية ونقدية موحدة، مما يهدد بتقويض جهود الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار التي تحتاجها البلاد بشدة.

وحذر المحلل الاقتصادي من أن استمرار الصراع على السلطة والموارد المالية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة معدلات التضخم، وتدهور قيمة العملة المحلية، فضلاً عن تعميق الفجوة الاقتصادية بين مختلف مناطق البلاد.

كما أشار إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الليبي، مما يعيق جهود جذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لتنويع الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.

ودعا البوعيشي الأطراف السياسية الليبية إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية والجهوية، مؤكداً على ضرورة العمل بشكل جاد وحثيث لتوحيد المؤسسات المالية والاقتصادية في البلاد.

كما شدد على أهمية تبني سياسات مالية ونقدية شفافة وفعالة، تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو في جميع أنحاء ليبيا.

وفي ختام تصريحاته، أكد البوعيشي على أن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني يعد شرطاً أساسياً لنجاح أي جهود لإصلاح الوضع الاقتصادي في ليبيا.

ودعا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لدعم الحوار الوطني الليبي وتشجيع الأطراف المتنازعة على التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن وحدة البلاد واستقرارها.

Shares: