بعد مرور عام على الفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة، لا تزال المدينة تواجه تحديات كبيرة في إعادة البناء وإحصاء الضحايا، وفقًا لتقرير نشرته مجلة “جون أفريك” الفرنسية.
المجلة أكدت أن العاصفة دانيال وانهيار سدين في المدينة خلفت ما يقارب 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 40 ألف شخص، حسب تقديرات الأمم المتحدة. ومع ذلك، تظل الحصيلة النهائية للضحايا موضع جدل، حيث تواجه السلطات صعوبات في تحديد هوية الضحايا وتسجيل الوفيات بشكل دقيق.
والمجلة أكدت أن خمس منظمات غير حكومية، من بينها لجنة الإنقاذ الدولية والمجلس النرويجي للاجئين، أشار إلى أن العديد من النازحين ما زالوا يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر. وتواجه العديد من العائلات صعوبات في تلبية احتياجاتها الأساسية، في حين تعاني المرافق الصحية والمجتمعات المحلية من مشاكل في جودة مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة، إضافة إلى نقص في العاملين الصحيين المدربين.
وعلى الصعيد النفسي، لا تزال آثار الكارثة واضحة على الناجين، مع استمرار ظهور حالات جديدة من الصدمة والقلق، خاصة بين الأطفال. كما أن عددًا كبيرًا من الأسر النازحة ما زالت بدون مأوى مناسب.
رغم هذه التحديات، بدأت درنة في عملية إعادة البناء. فقد تحولت المدينة، التي كان يقطنها 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى موقع بناء ضخم تملؤه أصوات الجرافات.
وتظهر الصور الجوية الرافعات المنتشرة في مواقع البناء وعلى ضفاف الوادي الجاف الذي يعبر المدينة، حيث جرفت الأمواج الهائجة الأنقاض والجثث نحو البحر خلال الكارثة.
بلقاسم حفتر، نجل المواطن الأمريكي خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا، يترأس رئاسة صندوق ما يسمى بإعادة الإعمار.
ومع أن عملية إعادة البناء قد بدأت، إلا أن “الخدمات الأساسية” المتعلقة بالنظافة ومياه الشرب لا تزال غير متوفرة بشكل كافٍ. وقد تحول منظر المدينة من مشهد أبيض على خلفية البحر الأبيض المتوسط الزرقاء، إلى لون رمادي تهيمن عليه الخرسانة في المباني قيد الإنشاء.
وفي ختام التقرير، تبرز الحاجة الملحة لتكثيف الجهود الإنسانية والإنمائية لمساعدة سكان درنة على تجاوز آثار هذه الكارثة، وإعادة بناء حياتهم ومدينتهم بشكل مستدام وآمن.
وبعد عام على عاصفة “دانيال” والفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة والمناطق المحيطة بها في شرق ليبيا، أشادت الأمم المتحدة في ليبيا بصمود وقوة المجتمعات المحلية التي عملت دون كلل للتعافي من الكارثة.
وأعربت الأمم المتحدة من جديد عن خالص تعازيها لكل من فقدوا أحباءهم وتستحضر ذكرى الأرواح التي أُزهقت، وبينما لا يزال تأثير الكارثة على المجتمعات والأسر المتضررة عميقًا.
وبحسب بيان للبعثة الأممية، فإن تحديد 11 سبتمبر كيوم حداد وطني على درنة والمناطق المتضررة من الفيضانات يعبر عن الحزن العميق الذي يوحد الناس في ليبيا ويسلط الضوء على الحاجة المستمرة إلى الدعم المستدام للمتضررين.
واعتبرت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في ليبيا، جورجيت غانيون، أن “ما عاشه الأهالي في درنة والمناطق المحيطة بها قبل عام أمر مأساوي لا يمكن وصفه بالكلمات؛ جميع الأسر المتضررة التي التقيت بها لا تزال تبكي ذويها ممن فقدوا أرواحهم.
وتعرضت مدينة درنة والمناطق المحيطة لأضرار فادحة وواسعة النطاق، حيث جرفت الفيضانات أحياء بأكملها ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة، مؤدية في طريقها إلى مقتل واختفاء الآلاف من الأشخاص ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.