في تطور جديد للأزمة السياسية والاقتصادية في ليبيا، صرح الصديق الكبير، محافظ البنك المركزي الليبي الذي تم إقالته، أنه يتوقع العودة إلى منصبه قريباً، وذلك بعد محاولة فاشلة للاستيلاء على المؤسسة المالية الحيوية للبلاد.
وقال الكبير في حديث هاتفي مع صحيفة “بوليتيكو” من مقر إقامته الحالي في اسطنبول: “إننا نقوم بتقييم الوضع الآن – وقد نعود قريباً جداً”.
يأتي هذا التصريح بعد أسابيع من اضطراره للفرار من ليبيا إثر مداهمة قوات متحالفة مع حكومة طرابلس لمقر البنك المركزي في 26 أغسطس الماضي.
البنك المركزي الليبي هو المستودع القانوني الوحيد لمليارات الدولارات شهريًا من العائدات من بيع النفط المنتج في شرق البلاد.
ولقد أدى هذا إلى تحولها إلى موضوع نزاعات ساخنة متكررة بين الفصائل المتحاربة التي تنافست على التفوق منذ الحرب الأهلية التي دمرت الدولة الليبية وأدت إلى اغتيال القائد الشهيد معمر القذافي.
وأدت محاولة الاستيلاء على البنك المركزي إلى أزمة سياسية واقتصادية حادة في البلاد. فرداً على هذه الخطوة، قامت السلطات في شرق ليبيا، المنطقة الغنية بالنفط والأكثر دعماً للمحافظ، بإيقاف إنتاج وتصدير النفط.
هذا القرار تسبب في ارتفاع مؤقت لأسعار النفط عالمياً وأثار مخاوف من انهيار اقتصادي في ليبيا، التي تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات النفط والغاز.
وعزز موقف الكبير حكم قضائي صدر يوم الثلاثاء الماضي، حيث قضت محكمة ليبية بعدم قانونية الاستيلاء على السلطة من قبل القوات المتحالفة مع عبد الحميد دبيبة، رئيس الحكومة في طرابلس.
ومع ذلك، حذرت كلوديا جازيني، المحللة البارزة في شؤون ليبيا بمنظمة كرايسس جروب، من أن عودة الكبير ليست مضمونة بعد، مشيرة إلى أن تطبيق أحكام المحاكم الليبية غير متسق.
وفي محاولة لحل الأزمة، عقدت البعثة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا محادثات بين الأطراف المتنازعة. وأسفرت هذه المحادثات عن موافقة مبدئية من الحكومتين المتنافستين على حل خلافاتهما بشأن البنك المركزي وتعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين. إلا أن المفاوضات توقفت لاحقاً، مع طلب الطرفين مزيداً من الوقت لاتخاذ القرار.
ويرى الكبير أن محاولة الاستيلاء على البنك كانت جزءاً من مساعي حكومة دبيبة لاستعادة نفوذها بعد خسارة حليف رئيسي في المجلس الأعلى للدولة الشهر الماضي.
وزعم المحافظ أن محاولة الاستيلاء على طرابلس فشلت لأن ميليشياتها لم تتمكن إلا من السيطرة على الأنظمة التشغيلية للبنك المركزي ولم تتمكن من الحفاظ على شرعيتها الدولية وعلاقاتها مع المقرضين الأجانب. وتعتبر علاقات المؤسسة الليبية مع مثل هذه البنوك حيوية لتحويل دولاراتها من مبيعات النفط إلى نقود يمكن دفعها لنحو 2 مليون موظف في القطاع العام في جميع أنحاء البلاد.
وأكد المحافظ أنه لا يزال يحظى بدعم الأسواق الدولية، مشيراً إلى استمرار تواصله مع نظرائه في صندوق النقد الدولي وبنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك التجارية مثل جي بي مورجان.
وفي ختام تصريحاته، أعرب الكبير عن ثقته بأن القوات التي نفذت عملية الاستيلاء ستضمن عودته سالماً، قائلاً: “تعتقد القوات والميليشيات على الأرض أن الاستيلاء كان خطأ”.
وأضاف: “لقد ارتكب الدبيبة خطأً، وقد يكون عرضة للمساءلة القانونية”.