سلطت شارلوت ليزلي، مديرة مجلس المحافظين للشرق الأوسط والنائبة السابقة عن دائرة بريستول الشمالية الغربية، الضوء على الوضع المتدهور في ليبيا وتحمّل الغرب مسؤولية ذلك.
ليزلي تستذكر في مقالها الذي نُشر على موقع ” conservative home” البريطاني، عام 2011، عندما طلب ديفيد كاميرون من البرلمان اتخاذ قرار بشأن التدخل العسكري في ليبيا، كان الاختيار صعباً للخوف من مخاطر تكرار سيناريو العراق. تعترف ليزلي بأنها امتنعت عن التصويت آنذاك، مشيرة إلى صعوبة الموقف.
وأكدت ليزلي، أن قرار التدخل اتُخذ دون فهم كافٍ للطبيعة القبلية المعقدة لليبيا ودون خطة واضحة لما بعد سقوط القائد الشهيد القذافي. كان هناك تفاؤل مفرط بإمكانية تحويل ليبيا بسهولة إلى ديمقراطية فعالة.
وأشارت في مقالها إلى أن النتائج، كانت كارثية. فبدلاً من الاستقرار الديمقراطي، شهدت ليبيا:
نمو الحركات الإسلامية المتطرفة
ارتفاعاً حاداً في أعداد المهاجرين غير الشرعيين
ازدهار العصابات الإجرامية
تفشي الفساد على نطاق واسع
وتصف ليزلي ليبيا اليوم بأنها دولة ممزقة بين قوى عسكرية في الشرق، يقودها المواطن الأمريكي حفتر وأبناؤه المدعوم من روسيا، وحكومة الدبيبة الضعيفة في الغرب والتي تحظى بدعم الأمم المتحدة. وتشير إلى أن هذا الانقسام يهدد باندلاع حرب أهلية جديدة.
ولفتت إلى أن ليبيا اليوم، أصبح الفساد متفشياً، فهي دولة ممزقة بين رجال عسكريين في الشرق استولوا على أراض، وسياسيين متمسكين بالسلطة.
وتسلط ليزلي الضوء على التداعيات الإقليمية والدولية لهذا الوضع، بما في ذلك:
زعزعة استقرار دول الجوار مثل مالي والسودان ومصر.
تحول ليبيا إلى مركز لتهريب البشر إلى أوروبا.
اضطرابات في أسواق النفط العالمية بسبب إغلاق حقول النفط الليبية.
تنتقد ليزلي بشدة الافتقار إلى المشاركة الدبلوماسية الحاسمة والمستمرة من قبل الدول الغربية منذ تدخلها في عام 2011.
وترى أن هذا الإهمال سمح لروسيا باستغلال الفراغ السياسي وتعزيز نفوذها في المنطقة.
وأكدت أننا لم نشهد سوى هذا الشهر إغلاق حقل الشرارة النفطي، أكبر حقول النفط في ليبيا، على يد مليشيات حفتر. ولم يؤد هذا إلى إيقاف تشغيل أحد الأصول الليبية الحيوية فحسب، بل أظهر أيضًا ضعف حكومة طرابلس في الاستجابة لهذه التهديدات العسكرية للاقتصاد الليبي.
وقد تم الكشف عن هذه نقاط الضعف بشكل أكبر الآن حيث أصبحت معظم حقول النفط في البلاد الآن تحت سيطرة مليشيات حفتر، مما أدى إلى قطع التمويل الرئيسي الذي تعتمد عليه حكومة طرابلس من أجل بقائها، وإحداث خلل في الأسواق العالمية.
وقالت إن ما يدعم الموقف هو المؤسسة الوطنية للنفط تحت قيادة فرحات بن قدارة، الذي واجه اتهامات متكررة بالفساد في التعامل مع إمدادات النفط في البلاد.
وعلى النقيض من الجهود الدؤوبة التي بذلها سلفه لإدخال المساءلة والشفافية في القطاع، فإن “الانفلات” الحالي الذي يمارسه بن قدارة داخل المؤسسة الوطنية للنفط موجود في مناخ من الإفلات من العقاب، حيث يستطيع بن قدارة أن يحرف شؤون المؤسسة الوطنية للنفط وفقاً لمصالحه الخاصة.
إن هذه المنافسة على السيطرة القسرية على المؤسسات المالية الليبية تعمل على زعزعة استقرار البلاد بوتيرة مثيرة للقلق.
وتختتم ليزلي مقالها بالإشارة إلى أن فشل الغرب في الالتزام بإصلاح ما تسبب في تدميره قد أضر بسمعته الدولية ومصالحه الذاتية.
وتحذر من أن الفساد المستشري في ليبيا لم يعد يؤثر على الشعب الليبي فحسب، بل امتد تأثيره إلى أسواق النفط العالمية والسياسة الدولية في وقت حرج للغاية.
في النهاية، تدعو ليزلي ضمنياً إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الغربية تجاه ليبيا والمنطقة ككل، مؤكدة على أهمية الالتزام طويل الأمد والفهم العميق للسياقات المحلية قبل أي تدخل مستقبلي.
شارلوت ليزلي هي مديرة مجلس المحافظين للشرق الأوسط، ونائبة سابقة عن دائرة بريستول الشمالية الغربية، وسفيرة عالمية لمبادرة الرئيس زيلينسكي “الحبوب من أوكرانيا”. تكتب بصفتها الشخصية.