في تطور دراماتيكي هز الأوساط الأمنية والسياسية في ليبيا والمنطقة، لقي عبد الرحمن ميلاد، المعروف بـ”البيدجا”، مصرعه في حادث إطلاق نار بطرابلس.
ميلاد، الذي وُصف بأنه “أحد أخطر مهربي البشر في العالم”، كان شخصية مثيرة للجدل، جمعت بين منصب رفيع في خفر السواحل الليبي وسجل إجرامي خطير في تهريب البشر.
يسلط هذا الحادث الضوء على التعقيدات الأمنية والسياسية في ليبيا، ويفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مستقبل مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة في المنطقة.
صحيفة الجارديان البريطانية سلطت في تقرير لها الضوء على تهديدات خطيرة من قبل ميلاد وجهت إلى الصحفيتين الإيطاليتين نانسي بورسيا ونيلو سكافو، واللتين قامتا بتغطية واسعة النطاق لأنشطة ميلاد الإجرامية، وجدتا نفسيهما تحت حراسة أمنية مشددة بعد تلقيهما تهديدات بالقتل.
هذه التهديدات لم تكن سوى جزء من قصة أكبر تكشف عمق تورط البيدجا في شبكات الجريمة المنظمة وتهريب البشر.
وفقًا لتقارير أمنية للأمم المتحدة، كان ميلاد متورطًا بشكل مباشر في إغراق قوارب المهاجرين باستخدام الأسلحة النارية، هذا الاتهام الخطير، إلى جانب وصفه بأنه زعيم منظمة إجرامية تعمل في شمال غرب ليبيا، رسخ مكانته كواحد من أخطر الشخصيات في عالم تهريب البشر على المستوى الدولي.
المفارقة المثيرة في قصة ميلاد تكمن في دوره المزدوج، فبينما كان يُعرف دوليًا كمهرب خطير، كان في الوقت نفسه يشغل منصبًا رفيع المستوى في خفر السواحل الليبي، هذا التناقض الصارخ يثير تساؤلات عميقة حول مدى تغلغل شبكات الجريمة المنظمة في المؤسسات الرسمية الليبية.
وقد تجلى هذا التناقض بشكل واضح في عام 2017، عندما وُثق وجود ميلاد في صقلية كجزء من وفد خفر السواحل الليبي المشارك في اجتماعات دولية حول الهجرة.
هذا الظهور أثار جدلاً واسعًا حول فعالية الجهود الدولية في مكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة مع وجود شخصيات مشبوهة في مواقع المسؤولية.
وفي عام 2020، وفي خطوة بدت وكأنها محاولة لتصحيح الأوضاع، أصدرت السلطات في طرابلس مذكرة اعتقال بحق ميلاد، إلا أن الأمور اتخذت منحى غير متوقع، إذ أُطلق سراحه بعد عام واحد فقط، بل وتمت ترقيته من رتبة نقيب إلى رائد، مما أثار المزيد من التساؤلات حول طبيعة العلاقات بين بعض المسؤولين وشبكات التهريب.