ارتباك واشتباك سياسي تزداد وتيرته وتتسارع خطواته التي تثير جدلاً واسعا داخل الأوساط الدولية، جراء تداعيات إقالة المجلس الرئاسي بإقالة الصديق الكبير إلى منصب محافظ المصرف المركزي، وهو قرار وصفه محللون اقتصاديون بأنه متناقض وغير مبرر.
فيما يخشى المحللون من أن يؤدي هذا القرار إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وتعميق الانقسام السياسي.
ويبرز التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، وتبعاته التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد بما في ذلك تجميد الأرصدة الخارجية وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وفي الإطار وصف وحيد الجبو محلل اقتصادي قرار عدول البرلمان عن عزل الصديق الكبير بعد عزله بستة سنوات بالأمر غير المنطقي.
واستنكر الجبو خلال تصريحات متلفزة عبر برنامج “شأن عام” المذاع على فضائية “المسار” أمس الأربعاء، مسألة سحب الثقة من الكبير؛ وإعادتها من جديد لأنه هل انتفت الأسباب التي أدت إلى ذلك.
كما أبدى دهشته من تجاوز المجلس الرئاسي لصلاحياته المخولة له وفق اتفاق السياسي بجنيف وقرر إقالة محافظ المصرف المركزي.
ولفت إلى أن الشعب الليبي سيعاني جراء إغلاق المنظومة المصرفية وعملية التحويلات والمقاصة، وبيع العملة وفتح الاعتمادات.
وذكر أن سمعة النظام المالي الليبي، خاصة المصرف المركزي على المحك، خاصة أمام صندوق البنك الدولي والمؤسسات الدولية المختلفة.
وقال إنه كان لزاما على الجميع العمل على إزالة المعوقات أمام المواطن الليبي الذي يعاني من نقص السيولة ويزدحم في طوابير أمام المصارف.
وأضاف أن المصرف المركزي دخل في دوامة الشرعية، وسيكون مصيره في النهاية انقسام كبير.
وتحدث بلسان حال المواطن الليبي موضحا أنه أصابه الإحباط وخيبة الأمل، لمعرفته بأن جميع من في السلطة لا يعملون لأجل مصلحته.
وأهاب بضرورة البحث عن حلول أخرى غير إقفال النفط؛ لأن ليبيا بلد استهلاكي لا ينتج وبالتالي أغلب ما تحتاج إليه تستورد من الخارج.
كما استنكر ما قاله المحافظ المعين من قبل المجلس الرئاسي، حول كلمة السر التي طالب الصديق الكبير بإعطائه إياها، مشيرا إلى أن ليبيا على هذا الوضع ليست دولة مؤسسات.
ودعا إلى إعادة فتح النفط مع عدم تسليم موارده المالية للمجلس غير الشرعي الحالي للمصرف ولكن توريدها للمصرف الخارجي مع إمكانية تجميدها.
وناشد معسكر الشرق بمطالبة مجلس الأمن وبعثته الأممية بالضغط لإلغاء قرار إقالة الكبير.
وتصاعدت أزمة المصرف المركزي، بعد تكليف المجلس الرئاسي، عبد الفتاح عبد الغفار، نائب المحافظ بمهام المحافظ وأعماله، بدلاً من محمد الشكري الذي اعتذر عن عدم قبول المنصب بسبب الانقسام السياسي في البلاد.
وبينما خاطب عبد الغفار موظفي المصرف للعودة إلى أعمالهم، طالبت الإدارة السابقة للمصرف برئاسة الصديق الكبير، جميع موظفيه بعدم الوجود بمقر المصرف، لحين إخطارهم بخلاف ذلك.
واعتبرت الإدارة السابقة، عبد الغفار مُغتصب صفة نائب المحافظ من دون سند قانوني، وبالمخالفة لقرارات السلطة التشريعية والاتفاق السياسي، في جريمة يُعاقب عليها.
وأبلغ الصديق الكبير عملاءه في الداخل والخارج، بتوقف كل الخدمات بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة، وحذّر مجدداً من أن ما يحدث سيعرّض المصرف وعلاقاته الدولية وأنظمته للخطر، على خلفية هذه التطورات.
وتقدّم الكبير بشكوى جديدة إلى النائب العام، بتغيير ملكية النطاق الخاص بالمصرف إلى بريد إلكتروني لا ينتمي إليه، مؤكدا أن أي تغيير على هذا المستوى يتطلّب إذناً من الجهات الفنية المختصة.
واستأنف الموقع الرسمي الإلكتروني للمصرف عمله مجدداً، مع توقف الصفحة الرسمية على فيسبوك عن العمل، بعد حذف جميع مسؤولي الصفحة منها، عقب خطف مسلحين في العاصمة عدداً منهم.
من جهتها، دعت بعثة الأمم المتحدة لتعليق القرارات التي وصفتها بالأحادية بشأن المصرف المركزي ورفع القوة القاهرة عن حقول النفط، معربة عن أسفها لما آلت إليها الأوضاع في ليبيا.
وأكدت البعثة في بيان لها، أن الإصرار على هذه القرارات أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي.
وشددت على اعتزامها عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة.