سلط تقرير لمجلة “المجلة” الضوء على الوضع المعقد في ليبيا منذ سقوط نظام القائد الشهيد معمر القذافي.
فبعد سنوات من الصراع المسلح والاتفاقيات السياسية الهشة، تجد البلاد نفسها اليوم في مأزق سياسي واقتصادي عميق.
وأكد التقرير، أن ليبيا شهدت دورات متكررة من العنف، بدءًا من هجمات خليفة حفتر على الغرب الليبي في 2014-2015 و2019-2020. ورغم محاولات إجراء انتخابات وتشكيل حكومات توافقية، إلا أن البلاد لا تزال تعاني من انقسام سياسي حاد وغياب الشرعية عن مؤسساتها الحاكمة.
التقرير شدد على أنه يكمن جوهر المشكلة في سيطرة نخبة سياسية غير منتخبة على مقدرات البلاد، حيث تتصارع هيئات مختلفة على السلطة دون تفويض شعبي حقيقي. فمجلس النواب المنتهية ولايته وحكومة الوحدة الوطنية غير الشرعية يتنازعان على إدارة البلاد، في حين أن عدداً قليلاً جداً من الليبيين شارك في اختيار هذه القيادات.
ولفت إلى أن الصراع الحالي حول مصير محافظ البنك المركزي الصادق الكبير هو أحدث مثال يوضح كيف تركز هذه الطبقة الحاكمة غير الشرعية على المال والموارد على حساب مصلحة الشعب.
ويلعب التدخل الخارجي، وخاصة الروسي، دوراً محورياً في تعقيد المشهد. فدعم روسيا لحفتر وتعزيز وجودها العسكري في ليبيا يشكل تهديداً مستمراً للاستقرار ويقوض جهود السلام.
فقد شن حفتر حربه على طرابلس 2019-2020 بدعم كبير من المرتزقة الروس، بما في ذلك القناصة والمسيّرات والأنظمة المضادة للطائرات. إلا أن حكومة طرابلس السابقة تمكنت أخيرا من صد تقدمه بمساعدة تركيا.
ومع ذلك، عمقت روسيا علاقتها مع حفتر. ومنذ وفاة يفغيني بريغوجين قائد ميليشيا “فاغنر” العام الماضي، تتودد وزارة الدفاع الروسية الرسمية وفيلقها الأفريقي إلى حفتر. فزاره نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف مرات عدة.
كما أنه التقى بوتين في موسكو، وتواصل روسيا بناء البنية التحتية في ليبيا لتعزيز طموحاتها في منطقة الساحل الليبي وكي تشكل تهديدا لـ”الناتو”.
كما أن وجودها منح حفتر وابنه صدام الثقة لتحدي خط وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه في أكتوبر 2020، والذي ظل صامدا معظم الوقت في السنوات الأربع الماضية.
وأوضح التقرير، أنه رغم الثروة النفطية الهائلة التي تتمتع بها ليبيا، إلا أن سوء الإدارة والفساد المستشري حال دون استفادة الشعب الليبي من هذه الموارد. فبدلاً من الاستثمار في البنية التحتية والتنمية، يتم تبديد الأموال على رواتب القطاع العام المتضخم ودعم الوقود غير الفعال.
ولفت التقرير إلى أنه في ظل هذه الظروف، يبدو أن التحدي الأكبر الذي يواجه ليبيا اليوم ليس خطر اندلاع حرب جديدة، بل استمرار نهب ثروات البلاد من قبل الطبقة السياسية الفاسدة. لذا، فإن الحل يكمن في دفع المسار الاقتصادي إلى الأمام وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس الشفافية والمساءلة، مع ضرورة دعم المجتمع الدولي لهذه الجهود لضمان استقرار ليبيا على المدى الطويل.