في قلب الصحراء الليبية، تقف آبار النفط شاهدة على مأساة بلد غني بالموارد لكنه مثقل بالصراعات.

فمنذ سقوط نظام القائد الشهيد معمر القذافي في 2011، تحول قطاع النفط الليبي من محرك للازدهار إلى ساحة للنزاع السياسي، مما يهدد استقرار البلاد وآمال شعبها في مستقبل أفضل.

صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية سلطت الضوء على إنتاج النفط في ليبيا والذي يعد بمثابة مصدر قوة للوقود الكبير

وفقًا لتصريحات ستيفاني خوري، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، فإن الوضع في البلاد قد تدهور بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.

هذا التدهور انعكس بشكل مباشر على قطاع النفط، الذي يعد شريان الحياة الاقتصادية لليبيا.

التقرير كشف عن أن الليبيين يكافحون من أجل سحب الأموال من البنوك وتلبية احتياجاتهم اليومية، ويخشى الكثير منهم أن تندلع الحرب مرة أخرى. وبينما يلوح خطر نشوب صراع عام في الأفق، فإن الأحداث الأخيرة المتعلقة بإنتاج النفط هي أيضًا التي تبلور المخاوف.

تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، لكن إنتاجها لم يعد أبدًا إلى مستويات ما قبل 2011.

ففي عام 2023، صدرت ليبيا 432 مليون برميل من النفط، بمعدل يومي يقارب 1.2 مليون برميل، وهو رقم يتضاءل أمام ذروة الإنتاج التي بلغت 3.4 مليون برميل يوميًا في عام 1970.

يعزى هذا التراجع في الإنتاج إلى الانقسام السياسي الحاد في البلاد، حيث تتنافس حكومتان – إحداهما في طرابلس بقيادة عبد الحميد دبيبة، والأخرى في الشرق بدعم من خليفة حفتر – ليس فقط على السلطة السياسية، بل أيضًا على عائدات النفط التي تشكل 97.1% من إيرادات الميزانية الليبية.

وقد تجلى هذا الصراع مؤخرًا في الإغلاق الجزئي لحقل الشرارة، أكبر حقول النفط في البلاد، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج بنحو 90 ألف برميل يوميًا.

هذا الإغلاق، الذي وصفته حكومة طرابلس بأنه “ابتزاز سياسي”، وهو مرتبط باعتقال صدام حفتر، نجل خليفة حفتر، في أوروبا بتهم تتعلق بتهريب الأسلحة.

وقال التقرير إن استخدام النفط كأداة ضغط في الصراعات السياسية ليس جديدًا في ليبيا.

كما أنها تضع الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي الليبي في حالة من عدم اليقين، مع تهديد بعضها بالانسحاب بسبب المخاوف الأمنية والتشغيلية.

ولفت التقرير إلى أن العملية السياسية معطلة، حيث تكافح المناقشات التي تجري تحت رعاية المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى توافق في الآراء.

توفيق هامل، الباحث في معهد الدراسات الجيوسياسية التطبيقية (IEGA) والخبير في Cnam، قال إن “ليبيا صدرت 432 مليون برميل من النفط في عام 2023 (أو أقل من 1.2 مليون برميل يوميا)، بحجم مبيعات قدره 36 مليار دولار”.

لكن هذا الرقم يتضاءل مقارنة بالذروة التي بلغها عام 1970، عندما وصل الإنتاج إلى ما يقرب من 3.4 مليون برميل يوميا، أي ثلاثة أضعاف ما هو عليه اليوم. الشركات الأجنبية في حالة من عدم اليقين

وشهدت العديد من حقول النفط تعطل أنشطتها وخفض إنتاجها من قبل المؤسسة الوطنية للنفط، بسبب تحركات الإضراب أو هجمات الميليشيات.

لوفيجارو الفرنسية: النفط الليبي ثروة وطنية تحولت لأداة للابتزاز السياسي وساحة صراع منذ 2011

Shares: