في تطور مثير، كشفت مصادر موثوقة لبي بي سي عربي عن تعرض قوات المواطن الأمريكي خليفة حفتر لعملية نصب واسعة النطاق في جنوب أفريقيا. هذه العملية أدت إلى اعتقال 95 ليبياً في يوليو الماضي، مما تسبب في أزمة دبلوماسية وأمنية.

تدريبات مشتركة

وفقاً للمصادر، خرج هؤلاء الليبيون من بلادهم معتقدين أنهم سيشاركون في تدريبات مشتركة مع الجيش في جنوب أفريقيا. كان هذا جزءاً من محاولة لتنويع أماكن التدريب العسكري لقوات شرق ليبيا، التي عادة ما تتدرب في دول مثل مصر والأردن.

لكن الأمور سارت بشكل مختلف تماماً. فقد تم إرسال الليبيين إلى معسكر تدريب غير قانوني في مزرعة بمدينة وايت ريفر، حيث ألقت السلطات الجنوب أفريقية القبض عليهم.

اتضح لاحقاً أن شركة تدعى Milites Dei Security Services (MDSS) كانت وراء هذا التدريب غير القانوني.

ورغم محاولات التستر على الأمر، إلا أن مصادر مقربة من السلطات الليبية أكدت أن قوات حفتر تجري تحقيقاً سرياً في الحادثة، محاولة تجنب الإحراج الناتج عن وقوعها في فخ عملية نصب بهذا الحجم.

طارق بن زياد شرق

وقال مصدر محلي ليبي يشغل منصبا في بلديات شرق البلاد إن “هؤلاء الليبيين يتبعون قوات حرس ملحقة بكتيبة ما يسمي طارق بن زياد شرق، وإنهم خرجوا من ليبيا على اعتبار أنهم سيشاركون في تدريبات مشتركة مع الجيش بجنوب أفريقيا”.

وأوضح أن مثل هذه التدريبات تتم في دول مثل مصر والأردن وغيرها ولكن مؤخرا تلقت السلطات في شرق ليبيا اقتراحا بتجديد وتنويع أماكن التدريب وأن هناك فرصة للتدريب مع جيش جنوب أفريقيا.

وشرح أن أحد المسئولين جاء بعرض من شركة متخصصة في التدريبات العسكرية والأمنية بجنوب أفريقيا مؤكدا أنها ستنظم تدريبا خاصا لليبيين المختارين مع قوات الجيش في جنوب أفريقيا، و”بالفعل سافر الليبيون على هذا الأساس ولكن يبدو أن السلطات في جنوب أفريقيا لم يكن لها علم بالأمر وحدث ما حدث”.

وهناك تم القبض على الليبيين بينما كانوا يخضعون للتدريب الذي وصفته السلطات بأنه “أكثر من مجرد تدريب حراس أمن ويبدو تدريبا عسكريا”.

وعثرت السلطات مع المتدربين على أسلحة نارية عسكرية وبنادق مهربة في المزرعة.

ومثل الليبيون أمام المحكمة 3 مرات حيث واجهوا اتهامات بمخالفة قانون الهجرة في جنوب أفريقيا لأنهم دخلوا إلى البلاد بتأشيرات دراسية.

وكلون للدفاع عن المتهمين دون توضيح من وكلهم

وخلال المحاكمة ظهر محامون في وسائل إعلام جنوب أفريقية قالوا إنهم موكلون للدفاع عن المتهمين دون توضيح من وكلهم بذلك كذلك لم تعلن السلطات في غرب أو شرق ليبيا أنها وكلت محامين للدفاع.

وقد تواصلت بي بي سي مع مكتب “كاسن” للمحاماة في جنوب أفريقيا والذي ظهر محاموه في وسائل إعلام كدفاع عن المتهمين من أجل الحصول على تفاصيل ولكن لم نتلق ردا حتى نشر هذه السطور.

وحاولت بي بي سي الحصول على رد من المتحدث باسم قوات شرق ليبيا بشأن الأمر لكنه لم يستجب.

بثت وسائل إعلام محلية في جنوب أفريقيا صورا لموقع الاعتقالات تظهر مزرعة تضم مخيما على الطراز العسكري أقيمت بها خيام كبيرة باللونين الأخضر والكاكي في صف واحد. وشوهد العشرات من الرجال (الليبيين) وهم يصطفون أثناء اعتقالهم. وكانوا يرتدون ملابس مدنية.

وقال مسؤول الحكومة المحلية بوايت ريفر “جاكي ماسي” إن التحقيقات شملت استجواب صاحب المزرعة. وقال إن السلطات تلقت معلومات تفيد بوجود معسكرات سرية مماثلة بالقرب من بلدتين أخريين في مقاطعة مبومالانجا

وتحد مقاطعة مبومالانجا الدول المجاورة لجنوب أفريقيا، موزمبيق وسوازيلاند وهي منطقة تثير قلق السلطات في جنوب أفريقيا فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية.

ولم تذكر الشرطة والسلطات ما إذا كانت هذه المعسكرات مشتبه في ارتباطها بمجموعة أو صراع معين.

وقعت في فخ النص

وقالت الشرطة الجنوب إفريقية إن هؤلاء الليبيين ربما يكونون مرتبطين بجرائم تم الإبلاغ عنها في المجتمعات القريبة من المزرعة في الأشهر الأخيرة.

مصدر مقرب من رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أكد لبي بي سي معلومة أن الليبيين الذين تم القبض عليهم في جنوب أفريقيا تابعين لقوات شرق ليبيا، مشيرا إلى أن قوات حفتر حريصة على عدم الإفصاح عن علاقتها بالأمر لأنها لا تريد أن يقال عنها إنها وقعت في فخ النصب.

صحفي ليبي فضل عدم ذكر اسمه قال لبي بي سي إن قوات شرق ليبيا “تجري تحقيقا موسعا فيما حدث وتتكتم على مجرياته”.

المتحدث باسم حكومة غرب ليبيا سابقا، عبد الحكيم معتوق، قال لبي بي سي: “إن المرجح أن هؤلاء الليبيين يتبعون مؤسسة أمنية تولت شركة من الشركات المتخصصة في تدريبات الأمن والتي انتشرت بكثرة في ليبيا أخيرا، ونسقت مع شركة في جنوب أفريقيا لتدريبهم، ولكن يبدو أن ذلك تم بشكل ملتو وبدون تنسيق مع السلطات في جنوب أفريقيا”.

وأشار إلى أن “ما فضح أمر الليبيين هناك هو قيامهم بأفعال وتصرفات مخالفة وشكوى أهالي المنطقة التي تتواجد فيها المزرعة التي تدربوا فيها، وعلى ما يبدو أن الشركة التي تسلمتهم في جنوب أفريقيا تخلت عنهم مما دفعهم للخروج من مكان التدريب فانكشف أمرهم”.

 

 بي بي سي عربي تكشف لغز الـ 95 ليبيًّا الذين قُبض عليهم في جنوب إفريقيا.. وتؤكد: مليشيات حفتر تعرضت لعملية نصب عسكرية

Shares: