جمود سياسي غير مسبوق تمر به البلاد جراء الانقسامات التي اشتدت وتيرها منذ أربعة سنوات تحديدا، وأخر تجليات هذا التشظي هو النزاع الحاصل حول المصرف المركزي بين معسكري الشرق والغرب؛ نظرا لأنه بيت مال الثروة النفطية التي تنعم بها ليبيا.
تغيرات كبيرة طرأت على مشهد التحالفات الخاصة بالجائزة الكبرى في البلاد أو مصرفها المركزي، فبعد أن ظل الصديق الكبير حليفا لحكومة الدبيبة قبل أن تنشأ خلافات بينهما يتهم على آثرها محافظ المصرف، حليفه بالفساد والإفراط في الإنفاق.
وثأرا لذلك أيد الدبيبة قرارا للمجلس الرئاسي بإقالة الكبير، لكنه رفض ترك منصبه.
على الجانب الآخر تدخل مجلس النواب بقيادة عقيلة صالح الحليف الحالي للكبير لرفض القرار معتبرا أنه ليس من صلاحيات الرئاسي المساس بالمناصب السيادية.
وإلى ذلك يخشى مراقبون من تدهور الأوضاع السياسية ودخول البلاد في منعطف جديد قد يتطور حد نشوب حرب جديدة..
وبدوره قال يوسف البخبخي الأكاديمي والباحث السياسي إن الحالة التي وصلت إليها البلاد اليوم هي نتاج الصراع الذي فعله مجلس النواب بخارطة الطريق التي ذهب إليها منفردا.
ورأى البخبخي خلال تصريحات متلفزة عبر برنامج “العاصمة” المذاع على فضائية “فبراير” أمس الأربعاء، أن البرلمان يسعى إلى إجهاض حكومة الدبيبة واستبدالها بأخرى يسيطر عليها لإتمام مشروعه الانقلابي للاستيلاء على طرابلس.
وأوضح أن قرار إقالة الصديق الكبير، جاء في سياق التدافع بين مشروع البرلمان “الانقلابي” وبين معسكر اتفاق جنيف.
وذكر الباحث السياسي، أن هناك اختراق جوهري يتمثل في تحالف رئيس البرلمان عقيلة صالح مع محافظ المصرف المركزي، وهنا حدث الاصطدام بطرف مخرجات جنيف.
وشدد على أن البلاد تمر بحالة انسداد سياسي حقيقي إما أن ينتصر فيها اتفاق جنيف بإخضاع المركزي وعدم السماح بتحويله لأداة في يد عقيلة صالح، أو انتصار مشروع الرجمة.
وأضاف البخبخي أن الرئاسي أخطأ بتنفيذ قرار البرلمان القاضي بتعيين محمد الشكري محافظا للمركزي؛ لأن هذا القانون لم يحصل على موافقة المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري”.
واعتبر أن الصديق الكبير خرج عن الحيادية والمهنية وأصبح طرفا للصراع السياسي، وبالتالي باتت هناك ضرورة حتمية لإخراجه من المشهد.
ورجح أن تشهد الحالة الليبية مزيدا من التشظي، استمرارا للانقسام الحاصل في الغرب واختراق البرلمان للمصرف المركزي.
وحذر من انعكاس الأوضاع السياسية المتدهورة اقتصاديا على حياة المواطن، وتوظف باتجاه السيطرة على العاصمة وإعادة إنتاج ماحدث في الرابع من أبريل 2019.
ودعا البخبخي البعثة الأممية لإنتاج آلية بديلة لمقاربة سياسية تخرج البلاد من أزمتها الحالية.