سلطت صحيفة “العرب اللندنية”، الضوء على الجهود الأفريقية لتحقيق المصالحة الليبية، مؤكدة أنه في ظل استمرار الأزمة السياسية في ليبيا تتضافر الجهود الدولية، وخاصة الأفريقية والأمريكية، لدفع عجلة المصالحة الوطنية في البلاد.
يأتي ذلك في إطار التحضير لمؤتمر المصالحة الليبية المرتقب في أكتوبر المقبل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
الصحيفة أكدت أن الاتحاد الأفريقي بدأ تحركاته المبكرة لتهيئة الظروف لإنجاح المؤتمر، حيث قام وفد أفريقي بزيارات ميدانية للأطراف الليبية المختلفة.
وقد لاقت هذه الجهود دعماً أمريكياً، حيث أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، على الحاجة الملحة للمضي قدماً في عملية مصالحة شاملة.
رغم هذه الجهود، تواجه عملية المصالحة تحديات كبيرة، فهناك أطراف مؤثرة في الواقع الميداني والمشهد السياسي لا ترغب في تحقيق المصالحة، معتبرة إياها تهديداً لمصالحها.
كما أن التدخلات الخارجية وانقسام الموقف الإقليمي والدولي يزيدان من تعقيد المشهد.
بدوره، أبرز رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة محمد المبشر، أن الجماعات المتطرفة سياسيا ودينياً تعيق جهود المصالحة الوطنية.
وقال إن فشل المجالس الاجتماعية ومجالس الأعيان في ليبيا في تحقيق المصالحة الوطنية يعود إلى عدة عوامل مترابطة منها الانقسامات السياسية والعسكرية التي تلعب دورًا كبيرًا، حيث أن الأطراف المتصارعة متعددة ويتعمق الخلاف بينها مما يعقد الوصول إلى توافق .
المبشر أضاف أن ضعف المؤسسات الحكومية، وغياب السلطة المركزية القوية يجعل من الصعب تنفيذ القرارات والمبادرات التي تتخذها هذه المجالس.
كما أن التدخلات الخارجية تزيد من تعميق الخلافات، حيث تدعم بعض الدول أطرافًا معينة على حساب أخرى، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ، مردفا أن هناك نقصًا كبيرًا في الثقة بين الأطراف المختلفة نتيجة للتاريخ الطويل من النزاعات والاعتداءات المتبادلة، مما يجعل تحقيق المصالحة يتطلب ضمانات قوية .
وبحسب المبشر، فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، مثل الفقر والبطالة، تساهم في زيادة التعقيدات، حيث تظل الأولوية للبقاء الاقتصادي على حساب المصالحة.
كما أن التركيبة القبلية للمجتمع الليبي تلعب دورًا في تعقيد المشهد، حيث يصعب تجاوز الولاءات القبلية لتحقيق توافق وطني شامل، بالإضافة إلى أن غياب العدالة الانتقالية والمساءلة عن الجرائم المرتكبة خلال النزاع يزيد من تعميق الانقسامات .
وشدد على أن وجود الجماعات المتطرفة سياسيا ودينيا، يعقد الوضع الأمني والسياسي، مما يعيق بشكل كبير جهود المصالحة الوطنية والاستقرار الدائم.
وشهد مشروع المصالحة الوطنية في ليبيا انتكاسة بعد فشل القائمين عليه في تنظيم المؤتمر الوطني الشامل الذي كان مقررا لـ 28 أبريل الماضي بمدينة سرت، وهو ما فسرته أوساط مطلعة بعجز المجلس الرئاسي عن تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الأساسيين والتعامل معهم على السواء.
وبحسب الأوساط الليبية، فإن هناك أطرافا مؤثرة في الواقع الميداني والمشهد السياسي لا ترغب في تحقيق المصالحة.
كما أن هناك قوى إقليمية ودولية غير راغبة في تحقيق الهدف المنشود ليبيا وبالتالي إلى حل سياسي يعيد سلطة القرار إلى الشعب عبر انتخابات تعددية ونزيهة لا يقصى منها أيّ طرف سياسي أو اجتماعي أو ثقافي.