حالة من الاحتقان تزداد يوما بعد الآخر كأحد توابع زلزال جلسة انتخاب مكتب الرئاسة بالمجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري“، والتي انطلقت الاثنين الماضي.
في تطور جديد يعكس عمق الأزمة السياسية في ليبيا، كشف الباحث والأكاديمي عماد الهصك عن تفاصيل مثيرة حول الخلاف القائم في انتخابات المجلس الأعلى للدولة.
وأشار إلى أن هذه الانتخابات الأخيرة تعكس حالة الانقسام الحاد بين الأطراف المختلفة، وخاصة بين كتلة تكالة وحكومة الدبيبة.
وفقاً للهصك، تدخلت حكومة الدبيبة بشكل مباشر في مجريات الانتخابات من خلال ممارسات متنوعة، تراوحت بين الترغيب عبر الوعود بمناصب، والترهيب من خلال إحالة بعض الأعضاء لجهاز الأمن الداخلي. هذا التدخل الحكومي أثار مخاوف جدية حول نزاهة العملية الانتخابية وحرية اختيار الأعضاء.
وأضاف أن قرار تكالة بإحالة قضية الخلاف على نتيجة الانتخابات إلى القضاء قد زاد من تعقيد الوضع.
واعتبر هذا الإجراء مخالفاً للائحة المجلس، مشيراً إلى أن الهدف منه كان كسب الوقت وخلط الأوراق.
وأكد أنه كان من المفترض حل الخلاف داخلياً من خلال اللجنة القانونية في المجلس.
وحذر الباحث من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى انقسام خطير في المجلس الأعلى للدولة، حيث قد ينتج عنه مجلسان منفصلان، لكل منهما رئيسه وأعضاؤه، إذا لم يتراجع تكالة عن موقفه.
هذا السيناريو من شأنه أن يعمق الأزمة السياسية في البلاد ويهدد جهود توحيد المؤسسات الليبية.
وفي سياق متصل، قال عضو مجلس الدولة الاستشاري أحمد بوبريق، إن الخلاف داخل مجلسه انتقص كثيراً من صورته أمام الرأي العام الليبي، خاصة بالمنطقة الغربية.
وأعرب بوبريق، في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية، عن تخوفه من أن يؤدي عدم رأب الصدع بشكل سريع في مجلسه لدفع مجلس النواب للمضي قدماً نحو تشكيل حكومة جديدة بشكل منفرد.
وأضاف أن البرلمان كان قد بدأ أولى خطواته في هذا المسار بفتح باب الترشح لرئاسة تلك الحكومة، دون التنسيق مع الكتل المقربة في الرؤى له داخل مجلس الدولة الاستشاري، التي اعترضت على الأمر، وحذّرت من عواقب ذلك.
ورأى بوبريق أن تشكيل حكومة جديدة بشكل منفرد من جانب البرلمان، ودون تنسيق مع مجلسه، يعني إمكانية الطعن عليها من أطراف عدة بالساحة المحلية، وبالتأكيد لن تحظى بالاعتراف الدولي كما هي الحال مع حكومة أسامة حماد.
وأصدر غالبية أعضاء اللجنة القانونية بمجلس الدولة الاستشاري رأيا، بعد اجتماعهم اليوم، بإلغاء الورقة الجدلية المكتوب على ظهرها، وبالتالي فوز خالد المشري برئاسة المجلس متقدما على منافسه محمد تكالة بفرق صوت واحد.
فيما رفض تكالة رأي اللجنة على اعتبار أنه غير الملزم، والقرار النهائي يعود لأعضاء المجلس مجتمعا عبر التصويت، كما شكك في شرعية اللجنة، بقوله: لا يجوز السماح للجان غير متوازنة وغير منتخبة باتخاذ قرارات نيابة عن المجلس.
كما سارع المشري بإصدار تصريح صحفي يشيد فيه برأي غالبية أعضاء اللجنة القانونية بمجلس الدولة الاستشاري القاضي بإلغاء الورقة الجدلية المكتوب على ظهرها، وبالتالي فوزه برئاسة المجلس.
وعقد مجلس الدولة الاستشاري الثلاثاء الماضي، جلسة عامة لانتخاب الرئيس الدوري للمدة النيابية القادمة، بحضور 139 عضوا، في ظل مواجهة بين الرئيس السابق خالد المشري والمنتهية ولايته محمد تكالة.
وانطلقت الجلسة بالتصويت لـ3 مرشحين هم: تكالة، والمشري، بالإضافة إلى رئيس اللجنة القانونية بالمجلس عادل كرموس، قبل أن تُحسم الجولة النهائية بين الأول والثاني.