مسار جديد للعلاقات المصرية التركية، بعد سنوات من الجفاء والقطيعة بين البلدين، بدأ بزيارات متبادلة ويسير نحو جهود حثيثة لتحقيق التوافق في مختلف القضايا الدولية والإقليمية، أبرزها الملف الليبي الذي كان ومايزال أولوية كبيرة بالنسبة للبلدين، ما يجعل الآمال تنعقد على انعكاس إيجابي باتجاه إعادة المسار السياسي إلى واجهة الصدارة في ليبيا من جديد وبرعاية البلدين الفاعلتين في المشهد السياسي.
وفي الإطار بدأت الاجتماعات التحضيرية بين وزيري خارجية الدولتين، في العاصمة المصرية القاهرة أمس، لوضع اللمسات الأولى لمجلس تعاون استراتيجي بين القاهرة وأنقرة على مستور رئيسي الجمهورية.
وبحسب مراقبون، فإن هذا التقارب، هو بمثابة توحيد للسلطتين النافذتين في ليبيا؛ فالقاهرة معروفة بدعمها لمعسكر الشرق الليبي، وأنقرة تدعم ما تعتبره “شرعية دولية” في غرب البلاد، فهل يمكن للعلاقات الثنائية التي تصل لمرحلة الترفيع أن تكتب سطر ختاميا للمرحلة الانتقالية وتتجه بليبيا إلى الاستقرار وتوحيد مؤسساتها السياسية والعسكرية، سؤال تُترك إجابته للمستقبل القريب.
وفي سياق متصل، قال إلياس الباروني أستاذ العلاقات الدولية، إن العلاقات المصرية التركية، شهدت في مرحلة سابقة صراعات كثيرة خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي وصلت إلى أن كل منهما تدعم طرف ضد الآخر.
وأضاف الباردوني، خلال تصريحات متلفزة عبر برنامج “الليلة وما فيها” المذاع على فضائية “ليبيا الأحرار” أمس الإثنين، أنه نظرا للظروف التي تمر بها المنطقة والعالم رأى رئيسي البلدين ضرورة التوافق لتحقيق المصلحة الثنائية.
ورأى أن هذا التوافق “المصري ــ التركي“، سينعكس على ليبيا بطيبعة الحال، وسيجبر كل طرف لإيجاد الحل السريع للأزمة في البلاد؛ وذلك لتحقيق المصلحة الجماعية.
وأشار الباروني، إلى وجود تنافس بين قطبي العالم: الشرقي المتمثل في روسيا والغربي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، وصراعهما للسيطرة على مجريات الأحداث، ومن هنا برزت رؤية مصر وتركيا لمراعاة مصالحها، وبالتالي التنافس والصراع في الملف الليبي لا يخدم البلدين.
وأكد أن التقارب المصري ــ التركي سيخدم المصلحة الليبية؛ لأن القاهرة دولة كبرى ولها مكانتها في الشرق الأوسط، وكذلك تركيا لها ثقل استراتيجي وعسكري لا يستهان بهما.
وأهاب بالخارجية الليبية، التعامل مع هذا التقارب لخدمة مصلحتها، وكذلك هناك ضرورة لتعامل كل الأجسام الموجودة في المشهد السياسي مع هذا التقارب؛ لإنهاء المرحلة الانتقالية في ظل الدستور المتفق عليه.
ولفت إلى أن مصلحة كلا البلدين في استقرار ليبيا؛ ولذا يجب عليهما السعي لإيجاد حل سياسي يفضي إلى إجراءا انتخابات على أسس دستورية.