تسعى السلطات في شرق ليبيا لجذب كبرى الشركات الفرنسية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، خاصة في بنغازي ودرنة المتضررتين من العاصفة دانيال.
مجلة «جون أفريك» الفرنسية
صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بقيادة بلقاسم حفتر قام بعرض عدة مشاريع على شركات فرنسية كبرى في مجالات البناء والتكنولوجيا والصحة.
مجلة «جون أفريك» الفرنسية سلطت الضوء على محاولات جذب كبرى الشركات من فرنسا للعمل في مشروعات إعادة الإعمار، قائلة إنه فيما تدفع باريس نحو هذا الاتجاه لوقف خسارة نفوذها الاقتصادي، فإن الشركات المتخصصة في مجال البناء والتكنولوجيا لا تبدي اهتماماً كبيراً وتتعامل مع السوق الليبية بحذر.
«جون أفريك» كشفت عن طلبات قدمها قسم التعاون الدولي بصندوق إعادة الإعمار إلى شركة «ماتير» لتجديد عدة جسور مدمرة بعدما أشاد مسؤولو الصندوق بجودة أعمال الفرنسيين الذين يحسنون استخدام الحديد، مستشهدين ببناء برج إيفل.
وأكدت المجلة، أنه رغم الجهود الدبلوماسية الفرنسية ودعوة وفد اقتصادي فرنسي لزيارة المنطقة، تبدي الشركات الفرنسية حذراً شديداً.
فشركات مثل “تاليس” و”أرتيليا” لم توقع أي عقود بعد، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بالأمن والتأثير البيئي والمجتمعي للمشاريع.
التقرير الفرنسي يورد تصريحا لمسؤول بصندوق التنمية والإعمار يوضح أسماء الشركات الكبرى المعنية، منها شركات البناء مثل: «فينشي» و«أرتيليا» و«فريسينيت»، بالإضافة إلى «تاليس» في مجال الإلكترونيات، و«سانوفي» في مجال الصحة.
وفد اقتصادي ضم تسع شركات فرنسية
وشارك ممثلون عن هذه الشركات ضمن وفد اقتصادي ضم تسع شركات فرنسية دعاها صندوق الإعمار والتنمية بقيادة بلقاسم لزيارة المنطقة الشرقية بداية يونيو الماضي، وكانت الزيارة الأولى لوفد من رجال الأعمال الفرنسيين منذ فيضانات 10 سبتمبر 2023.
المجلة الفرنسية اعتبرت أن الزيارة جاءت نتيجة للدبلوماسية الاقتصادية التي تنتهجها باريس، بعد زيارة السفير الفرنسي إلى بنغازي ودرنة في مارس.
وقدمت الشركات المدعومة من جمعية «ميديف إنترناشيونال» إلى ليبيا من أجل دراسة المشاريع وتعزيز علاقاتها مع السلطات الليبية في أرض الميدان.
وقال التقرير الفرنسي إن الزيارة هدفها تحقيق غايتين للجانب الليبي، هما أولاً: حاجة الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلى دعم سياسي واقتصادي، خاصة أنها غير معترف بها من المجتمع الدولي، وثانياً، رغبة عائلة حفتر في تحقيق إنجاز البناء بسرعة وبجودة عالية، وهي التي اعتمدت على السياسة الملموسة لتحسين صورتها.
وأكدت المجلة الفرنسية، أنه رغم الإمكانات الاقتصادية الكبيرة لليبيا، خاصة في قطاع النفط، تبقى الشركات الفرنسية مترددة.
إعادة الإعمار قد تستغرق ما بين 10 و15 عاماً
ويبدو أن عملية إعادة الإعمار قد تستغرق ما بين 10 و15 عاماً، مع إمكانية التعاون مع شركاء محليين لضمان استمرارية المشاريع.
وأشارت المجلة إلى قدوم شركة «تاليس»، وهي حلقة وصل أساسية في صناعة الأمن الأوروبية، لتجسيد مشروع صغير مثل تنصيب كاميرات المراقبة لمدينة بنغازي الرياضية المستقبلية (وربما كاميرات المراقبة للمدينة بأكملها)؛ غير أن المسؤول في الشركة باتريس كين أكد عدم توقيع أي عقد حتى الآن، بل يدعي أنه لا يملك طموحاً خاصاً للعمل في ليبيا.
والأمر ذاته يسود في نفس الحذر في «أرتيليا»، وهي شركة كبرى من بين أربع شركات عالمية لا تزال تتنافس على إعادة بناء السدين اللذين انهارا خلال العاصفة دانيال، حيث أعربت المجموعة عن اهتمامها بليبيا مع توخي الحذر الشديد بشأن التأثير البيئي والمجتمعي للمشاريع، وكذلك على الظروف المتعلقة بالأمن لفرقها أو الشركاء المحتملين في هذه المنطقة.
وأوضحت المجموعة الفرنسية أنها، وفي في هذه المرحلة بالذات، لم تتخذ أي قرار بالالتزام، ولم يجر الانتهاء من أي مشروع ملموس وفق تصريحات خبير هندسي.
وبالنسبة لهذه المجموعات الكبرى، فإن ليبيا تشكل سوقاً تتمتع بإمكانات عظيمة، فقد أصبحت البلاد المنتج الرائد للنفط في أفريقيا خلال العام 2024، ولكنها ليست ذات أهمية حيوية، حسب المجلة.
وحصل صندوق التنمية وإعادة الإعمار على 10 مليارات دينار (2 مليار يورو) لبدء الإعمار، وفي قانون المالية، ميزانية مخصصة للتنمية، تتراوح بين 18 و22 مليار دينار ليبي (3.4 إلى 4.2 مليار يورو) سنوياً.
وبين العامين 2011 و2022، تراجعت فرنسا من المركز الثالث إلى المركز الثامن في ترتيب الشركاء التجاريين لليبيا، ومن المركز الخامس إلى المركز السادس عشر في ترتيب مورديها.
وبالتالي فإن الهدف هو اللحاق بتركيا والصين وإيطاليا (من أكبر شركاء ليبيا التجاريين) من خلال استقطاب الشركات ذات الخبرة المعترف بها.