أثار تقرير نشرته صحيفة “اندبندنت عربية” جدلاً حول تأثير التوسع في المشروعات الزراعية غرب مصر على خزان الحجر الرملي النوبي، أكبر نظام لتخزين المياه الجوفية في العالم.
إلا أن خبراء ليبيين سارعوا إلى تبديد هذه المخاوف، مؤكدين أن المشاريع المصرية لا تشكل تهديداً مباشراً على حصة ليبيا من هذا المورد المائي الحيوي.
ويمتد خزان الحجر الرملي النوبي على مساحة تتجاوز 2 مليون كيلومتر مربع، ويغطي أجزاء من ليبيا ومصر والسودان وتشاد.
وهو يعد المصدر الرئيسي لمشروع النهر الصناعي في ليبيا، مما يجعله ذا أهمية استراتيجية للبلاد.
وكان تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية الليبية قد دعا وزارة الخارجية والجهات المعنية بإدارة الموارد المائية إلى تفعيل دورها في متابعة الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر النوبي.
كما حث على التواصل مع الدول المجاورة لضمان ترشيد استهلاك المياه الجوفية وتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة باستغلالها.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه ليبيا، وفقاً للخبراء، يكمن في سوء إدارة استهلاك المياه داخلياً، فالاستنزاف المفرط لمياه النهر الصناعي، إضافة إلى التخريب المتكرر لخطوط الإمداد، يهددان بحدوث عجز مائي في مختلف القطاعات.
هذا الوضع، مقترناً بقلة الأمطار في السنوات الأخيرة، قد يشكل تهديداً للأمن المائي والغذائي والصحي والاقتصادي في البلاد.
وقد أشار التقرير إلى ضعف المتابعة من الجانب الليبي واستغلال المياه الجوفية بشكل أكثر جدية من قبل الدول المجاورة.
في حين أن التقرير يسلط الضوء على ضرورة التعاون الإقليمي في إدارة الموارد المائية المشتركة، فإن الخبراء الليبيين يؤكدون أن الحل يكمن أولاً في تحسين إدارة الموارد المائية داخل ليبيا نفسها.
ويدعون إلى تبني استراتيجيات أكثر استدامة في استخدام المياه، وتطوير البنية التحتية لشبكات المياه، وزيادة الوعي العام بأهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي.
وكان الرئيس الراحل القائد معمر القذافي قد أعلن عن تدشين «النهر الصناعي» عام 1984 لنقل المياه الجوفية من الجنوب إلى الشمال، ليصبح بعد قرابة 42 عاما هو شريان الحياة الوحيد، الذي من دونه تتعرض مدن ليبيا للعطش.
وتعود فكرة «النهر الصناعي» عندما اكتشفت شركات عالمية للتنقيب عن النفط عام 1953 مخزوناً كبيراً من المياه الجوفية، وبعد سنوات من مجيء القذافي للحكم تبلورت الفكرة، ليعلن في عام 1984 عن بدء تنفيذ المشروع لنقل المياه عبر أنابيب ضخمة تحت الأرض من عمق الصحراء.
وعند وضع حجر أساس المشروع، قال القذافي إن «النهر العظيم سيفجر ينابيع المياه من قلب الصحراء (السرير وتازربو) من سلسلة رائعة من الآبار، ليتدفق الماء نحو الشمال عبر أنابيب ضخمة، يصل قطرها إلى 4 أمتار في أطول رحلة يقطعها الماء العذب ليقطع مسافة 4 آلاف كيلومتر من منقطة السرير إلى الشمال والشرق والغرب».