في تحليله للمشهد السياسي الليبي، كشف مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية، السنوسي بسيكري، عن تحولات جوهرية في العلاقات التركية – الليبية، مسلطا الضوء على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية التي تحرك السياسة التركية في المنطقة.
وقال بسيكري في مقال له، إن تركيا تسعى لتأمين حصة كبيرة من “كعكة” مشاريع التنمية في ليبيا، مع التركيز على المصادقة على اتفاقية النفوذ الاقتصادي البحري.
ورغم وعود رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالنظر في الاتفاقية، إلا أن القرار النهائي يخضع لتأثير القيادة العسكرية في الرجمة.
وأوضح أن هذه المسألة تحظى باهتمام دولي واسع، خاصة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، نظرًا لارتباطها بثروات هائلة من النفط والغاز قد تكون سببًا لتفجر صراع في شرق وجنوب المتوسط.
ولفت الانتباه إلى اللقاء الأخير بين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وبلقاسم حفتر، معتبرًا إياه مؤشرًا على تطور مهم في مواقف الأطراف.
وأضاف أن هذا اللقاء أحدث صدمة في غرب ليبيا، حيث ساد اعتقاد بأن الدعم التركي كان مبنيًا على أسس أخلاقية.
وأكد المحلل أن تركيا تسعى لتحقيق أهدافها من تدخلها في ليبيا منذ 2019، والذي أدى إلى ترسيخ وجودها السياسي والعسكري في البلاد.
وأشار إلى أن الوجود التركي قد غيّر موازين القوى، مما جعل فكرة سيطرة الجبهة الشرقية على طرابلس أمرًا صعب المنال.
وأكد بسيكري في تحليله بالإشارة إلى أن التقارب التركي مع الجبهة الشرقية يأتي في إطار إدراك أنقرة لضرورة مصادقة مجلس النواب على الاتفاقية البحرية.
وأوضح أن جبهة شرق ليبيا تسعى لتحييد تركيا من الصراع الليبي، مع الاستفادة من دعمها في مجالات التنمية والإعمار، إضافة لتركيز الأتراك على تجاوز العقبات وإذابة الجليد مع طبرق والرجمة، وقد كان للتقارب التركي مع دول الخليج ومصر أثره في الاقتراب من جبهة شرق ليبيا.
ولفت إلى أن التفاهم الذي وقع مؤخرا بين عقيلة والكبير، وإقرار ميزانية بنحو 180 مليار دينار، سيزيد حصة صندوق الإعمار والتنمية الذي يترأسه بلقاسم حفتر من الموازنة العامة.
وأوضح أن البداية كانت بتوقيع عقود بمئات الملايين في مجال الإنشاءات مع شركات تركية، مشيرا إلى بالنسبة لجبهة شرق ليبيا، هناك حاجة ملحة سياسيًا وعسكريًا لتحييد تركيا من الصراع الليبي، وربما تقويض حلفها مع الجبهة الغربية.
وكشف عن أن هناك حاجة للدعم التركي في مسيرة التنمية والإعمار التي اتخذتها الرجمة وسيلتها لاسترجاع بعض ما فقدته من تأييد شعبي خاصة بعد الهجوم على العاصمة، موضحًا أن صندوق الإعمار برئاسة أحد أبناء المواطن الأمريكي حفتر، أشبه بحكومة مصغرة لما يتمتع به من صلاحيات، يسعى لأن يكون وسيلة لكسر العزلة.