تشهد ليبيا انتشارًا واسعًا للأسلحة وتصاعدًا في وتيرة التسلح، منذ أحداث 17 فبراير عام 2011، ما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني والسياسي في البلاد.
ولعب المجتمع الدولي دورًا محوريًا في هذه القضية، سواء من خلال التدخل المباشر أو غير المباشر.
يتفق المحللون الليبيون على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في فوضى انتشار السلاح في ليبيا. فرغم صدور قرارات دولية وتشكيل تحالفات إقليمية لحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى استمرار تدفق الأسلحة بشكل كبير.
وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن عدد قطع السلاح المنتشرة في ليبيا قد بلغ 29 مليون قطعة، وهو ما يمثل حصيلة عشر سنوات من الفوضى والحرب.
هذا الانتشار الهائل للأسلحة لم يقتصر تأثيره على ليبيا فحسب، بل امتد ليشمل دول الجوار وخارج القارة الأفريقية، وتشير التقديرات إلى وجود ما بين 150 و200 ألف طن من الأسلحة في جميع أنحاء ليبيا.
وفي نوفمبر 2023، تحدثت تقارير أميركية وأممية عن فوضى «السلاح السائب» في ليبيا، وتسرّب كميات منه إلى دول أفريقية من بينها نيجيريا ومالي والسودان.
ويشير الأكاديمي والباحث في الدراسات الاستراتيجية محمد مطيريد إلى مفارقة مهمة، حيث أن الدول التي تدعم التشكيلات المسلحة في ليبيا هي نفسها التي تبنت قوانين وقرارات صادرة عن مجلس الأمن لحظر توريد الأسلحة منذ عام 2011.
كما أن عملية “إيريني” التي من المفترض أن تراقب عمليات تهريب الأسلحة إلى ليبيا لم تنجح في وقف تدفق الأسلحة.
وفي مداخلة مع برنامج «وسط الخبر» بقناة «الوسط» أمس الأحد، يشير مطيريد إلى أن صادرات الأسلحة التركية والروسية والأميركية حولت ليبيا إلى حقل تجارب ووكر للإرهاب أو بوابات تسليح جيوشهم في أفريقيا أو دول أخرى».
ويتوقع الباحث والمحلل السياسي مصطفى النعيمي استمرار سباق التسلح في ليبيا، محذرًا من احتمال انزلاق الأطراف الليبية إلى حالة احتراب جديدة.
كما يشير إلى تأثير الأوضاع الدولية والإقليمية المضطربة على الوضع في ليبيا، بما في ذلك الصراعات في منطقة الساحل الأفريقي والشرق الأوسط وحرب أوكرانيا والحرب على غزة.
ويشير إلى انعكاسات البيئة الاستراتيجية الدولية والإقليمية المشتعلة على ليبيا، سواء في منطقة الساحل الأفريقي والشرق الأوسط وحرب أوكرانيا وحرب الكيان صهيوني على غزة.
ولفت إلى أن فشل السياسيين الليبيين في الوصول إلى تسوية أو مقاربة سياسية قادت نحو حالة السباق في التسلح طرفي الصراع في ليبيا».
في المقابل، يرى الباحث في استراتيجيات الأمن القومي محمد السنوسي أنه لا يمكن التعويل على المجتمع الدولي في إيجاد حل للأزمة الليبية، داعيًا الليبيين أنفسهم إلى إيجاد مقاربة تضمن استمرار وبقاء الدولة.
ويحذر من خطر تقسيم البلاد واندلاع صراع جديد، مؤكدًا على ضرورة وعي القادة السياسيين والأمنيين والعسكريين وقادة الرأي بالمخاطر التي تهدد الدولة الليبية في هذه المرحلة الحرجة.
في الختام، يتضح أن دور المجتمع الدولي في سباق التسلح في ليبيا كان متناقضًا ومعقدًا. فبينما صدرت قرارات دولية لحظر توريد الأسلحة، استمر تدفق الأسلحة إلى البلاد بشكل كبير. وأدى هذا الوضع إلى تفاقم الأزمة الليبية وتهديد استقرار المنطقة بأكملها.